دروس من محاكمة الرئيس دونالد ترامب
November 3, 2023
عن قيمة الجد والعمل في رواية مزرعة الحيوان من ملحمة التحرر إلى مقصلة الجحود والإعدام
December 15, 2023

وللناس في النقد مذاهب

من الطبيعي أن يجبل الإنسان على تقديم النقد للذات وللآخرين باعتبار غريزة الطموح التي تحركه وتنحو به للبحث عن الأفضل والمزيد من المكتسبات المادية والرمزية وظرفية الإشباع وتجدد دورة رحلة البحث عن إشباع أكثر للغرائز والرغبات والطموحات. لكن، ربما من غير الطبيعي أن يجهز المرء على سقف طموحاته ويكتفي بحاله كما هو ويبدي الرضا والاستقرار في وضع معين في عالم متحرك باستمرار ودون هوادة ولا يقبل بالسكون أو الانطواء. يظل النقد وسيلة للتعبير عن الرأي حول سلوكيات ذاتية أو جماعية أو سياسات حكومية بما يعبر عنه من سخط أو رفض أو تنديد أو شجب أو تشجيع أو استحسان إذ ينكب على قراءة فعل معين ويهم بتفكيك عناصره والتعبير عن رأيه توقا إلى التغيير والتحسن. مادام المواطن يشكل النواة الصلبة في عمليات التدبير العام، فإنه لا يتردد في إبداء رأيه تعبيرا عن انخراطه في عملية تدبير الشأن العام و ممارسة مواطنته الفعلية ودفاعه عن وطنه
.وثوابت انتمائه
في الواقع، هناك من يقبل على النقد توقا إلى تغيير ممارسات وتصورات تدبير معينة حبا في الوطن. نعتقد أن هذا الفعل يرقى إلى أسمى أنواع النقد مادام يتوخى الايجابية والموضوعية و يؤسس لطريقة التواصل مع الحكامة القائمة تعبر عن ردود فعل تستوجب الاستثمار والانفتاح على عناصرها. ليس من العيب أن يكون نقدا قاسيا ما دامت مشروعيته ودوافعه وهمه الوحيد تجتمع في فضيلة الدفاع عن حرمة الوطن وتنميته. كما تحترق دواخل صاحبه غيرة عن الوطن وتطلعا إلى الكرامة والأنفة واستبراء من واقع الذل والتخلف والانهزام، يدفع من
.أجله ثمن باهظ ولا ينتظر منه أي غنائم شخصية أو امتيازات فردانية. له رجالاته وجنوده سلاحهم فضائل القيم ونكران الذات واقبالهم على العطاء من سراج ذخائر قناعاتهم الشخصية
على النقيض من ذلك، هناك من يوظف النقد كناية في الوطن وخدمة لأجندة خارجية من أجل الضغط على الحكامة القائمة وخلق الفتنة وتعميق جيوب الاختراق. هو نقد ارتزاق بامتياز، مأجور تحت الطلب ومنفصل وجدانيا عن البقعة الجغرافية التي تأويه. همه الوحيد تحصيل مكاسب فردانية تخدم الذات وتتنكر للانتماء، تقتات في الماء العكر و ترصد الثغرات والهفوات من أجل تسهيل عمليات الاختراق والتطويق. بأساليبه يجعل الحق باطلا والباطل حقا، يتلاعب بالمفاهيم حسب الحاجة ويسيطر على العقول ويشوه الوعي الجماعي من أجل تغذية الانهزامية والإحباط والقابلية للاستعمار والخضوع والانهزامية. هناك من قال كلمات معدودات وحصل منها مبالغ خيالية متنازلا عن كرامته ومصداقيته وإنسانيته. لهذا النوع من النقد
.عملاء ومرتزقة يستحيي القلم من التحدث عندهم أو حتى الإحالة علبهم
إذا كان الصنفين الأولين متباعدين في المنطلق والهدف والأساليب ونوعية الرجالات والتعبئة، هناك نوع آخر يلجأ إلى النقد في مواطن محددة ويمارسه للدفاع عن امتيازات افتقدها أو جرد منها خصوصا عندما يكون منطق الغنيمة أحد ركائز النظام السياسي القائم. فهو حقيقة يعلم جيدا مدى هشاشة البنية السياسية ويرى غيره يتقاسم الغنائم دون أن يستفيد منها فلا
.يتردد في التكشير عن أنيابه والتمرد على الجهة المانحة للعطايا خصوصا وأنه على دراية تامة بقواعد اللعبة السياسية وخفاياها ولا يتردد في البحث عن ثمن الصمت الذي يبديه
هناك من يمتنع عن ممارسة النقد ويلتزم الصمت والحياد و يتريث ولا ينكب على نسج أي نوع منه إلى أن تتضح الرؤية وتميل كفة القوى الى جهة معينة تمسك بزمام الأمور، حينئذ
.يكشف عن تأييده لها والتهليل لقدراتها الخارقة. لايبدي عداوة لأحد، ويحافظ على الحياد الغير موضوعي والممنهج حماية لمصالحه تحسبا لتقلبات الوضع
.للنقد الخالص رجالات وجنود وقيم وأدبيات وللنقد العميل عملاء ومرتزقة ومكر، بينهما فوارق مقامات ومواقف وخوالد المذمة أو الثناء

تم نشر المقالة على رأي اليوم 24 يونيو 2023 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *