ثقافة الجحود ونكران الجميل
April 12, 2016
العمل كقيمة معنوية
April 18, 2016

عقلية المظاهر ومجتمع التفاهات

تعلو المظاهر وتسمو من خلال سلوكيات السواد الأعظم من الناس، فتنتقل عبر مجموعة من المصطلحات المتداولة بيننا من قبيل: التعالي، التصنع، التباهي، الرياء الخ. كلما اتجه المجتمع نحو المادية وأهمل كل ما هو معنوي وجوهري طغت المظاهر و أضحت غاية عيش عموم الناس
هناك من يقتني أشياء عدة ( سيارة، شقة، لباس…) أو يزاول مهنة معينة، أو يـــزاول أنشطـــة بـــعينــهـا ( رياضة…) ليس من خلال قناعة ذاتية ولكن للاستجابة لرؤية وأراء محيطه. هناك من ينكب على العبادة وكل ما هو صالح لاكتساب ثقة و احترام الآخر فقط
تتعدد الشخصيات والنفسيات داخل الشخص الواحد فيصبح بذلك ممثلا يؤدي عدة أدوار حسب الظرفية و المكان.نتيجة لذلك ضاع الجوهر والمضمون وطغى كل ما هو سطحي و هامشي. نظرتنا للأشياء غدت سطحية بما في الكلمة من معنى. إذ قمنا بتمرير هذه العقلية و النظرة العقيمة إلى الأجيال القادمة فورثت بذلك الإفلاس و التفاهة و الاختلال في موازين الأخلاق
نهتم كثيرا بالحداثة و الديمقراطية وننادي بهما غير أننا نهمش التحديث و الدمقرطة. نسعى إلى تقليد المجتمعات الغربية في نمط عيشها ( المفروض أصلا علينا) خصوصا في كل ما هو استهلاكي ولم نكترث ولو برهة لعملية الإنتاج من خلال العمل الشاق و الجاد. فالمواطن الأمريكي مثلا يعمل ويجد لسد حاجياته و أداء فواتيره قبل الإقدام على نمط الاستهلاك الذي ننبهر له. بالمقابل لا نعمل ولا ننتج ونعيش عالة على بقية العالم. نحب اللهو و الاستمتاع دون أداء المقابل. ننادي بمحاربة اقتصاد الريع و الكسل ولم نحارب تواكلنا القاتل الذي سكن كل جوارحنا
نسعى إلى الحصول على الشواهد لكن دون اكتساب المعرفة أو التعمق في سبر أغوار العلوم. فالهدف دائما هو التفوق في الامتحان و نسيان ما سبق. فننتقل بذلك من الجهل النمطي إلى مختلف أنواع الجهل، فأصبحنا بذلك مجتمع جهالات بدرجات مختلفة
الهدف دائما هو ترويج لصورة مميزة و غير صحيحة عن الذات الفردية بحثا عن التميز داخل المجموعة
قد يأتي الاهتمام بالمظاهر من ضعف في الشخصية، خلل في التركيبة النفسية، قصور في التربية داخل الأسرة، عدم القدرة على مواجهة نقط ضعف الذات أو تراكم الانتكاسات و عدم القدرة على الصمود
المظاهر تعني كل ما يمكن رؤيته و إدراكه بالعين المجردة، فهي تحمل في طياتها كل ما هو سطحي وثانوي وتغلف كل ما هو جوهري و محوري
إدراك الجوهر أو المضمون يبدو عملا شاقا يتطلب مزيدا من الوقت والجهد فيتم بذلك العزوف عنه و إحالة الاهتمام إلى كل ما هو سهل ومتاح فيتم بذلك رفع أسهم كل ما هو ظاهري
باختصار فالتعلق بالمظاهر هو بمثابة هروب عن الذات ونكران للمرجعية و الأصل بحثا عن سراب جنون العظمة والشموخ. بعبارة أخرى التعلق بالمظاهر هو إخفاء لعيوب الذات و سفاهاتها و الانغماس في بناء شخصية نرجسية لا تبث للحقيقة بصلة فيزداد بذلك عذاب الضمير و الحسرة. فإلى أين؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *