العالم الافتراضي إلى أين …؟
March 28, 2016
اللغة العربية و خلفيات استهدافها: محاربة اللغة تقويض للهوية وتخريب للأمة
April 4, 2016

الأنانية وحب الذات

في عمق أزمة الأخلاق التي نعيشها و نتفاجأ بشتى تجلياتها، تطفو إلى السطح مجموعة من الظواهر الإنسانية التي تنخر نسيجنا الاجتماعي ولحمة هويتنا. أصيب فكرنا بالتيهان وفقدنا بوصلة تقرير المصير منذ قرون ومع ذلك يتحدث البعض منا عن الأنفة والشموخ والاعتزاز بالنفس. أي اعتزاز هذا في زمن الانكسار و الهوان. نحتاج وبدون شك إلى وعي جماعي بمكامن الضعف لزرع بذور النهضة، غير أن هذا الهدف يبقى مستحيل المنال في ظل طغيان سيادة فردانية معظم الأفراد
فتحقيق أي هدف جماعي يتطلب تسخير جهود أفراد كل المجموعة و انصهار كل طاقاتها في قوة دفع موحدة لمضاهاة باقي المجموعات و إبراز الذات. فتميز الأفراد يخدم بدرجة أولى تميز المجموعة الذي يفضي بدوره إلى توهج أفرادها جميعا وليس العكس
تعرف الأنانية بالأثرة وحب الذات مع عدم التفكير في الآخرين و تفرط في الإعجاب بالنفس، فهي تتغذى من كرم وعطف الآخر، مجاملاته و اهتمامه المبالغ بالفرد، تنمو وتجد تربتها الخصبة في غياب الثوابت الأخلاقية و اختلال الموازين. ضمير » أنا » هو كلمة خبيثة عندما يردد بكثرة لأنه ينم عن إعجاب لا متناهي بالنفس ويلغي وجود الآخر، يقر حق الذات وتنفي حقوق الآخر. نظرة الأنا دائما تجسد نظرة محدودة حبيسة الفرد الواحد ولا تحبذ عمل الجماعة من أجل مصلحة المجموعة بل ترحب بعمل الجماعة لمصلحة الأنا. فالأناني لا يكترث بمصلحة الآخرين و لا يراعي مشاعرهم، فهو يستغل أقرب الأقارب لتحقيق مساعيه. لا يعنيه شعور الانتماء إلى المجموعة في شيء فكيف التضحية بمصالحه من أجلها
الأناني شخص يأخذ أكثر مما يعطي مما يجعله قريبا من الانتهازي أو حتى المرتزقة في بعض الأحيان. الأنانية تولد التكبر، الجحود، التعصب للرأي، الكراهية و حتى العدوانية، فهي إذن خلية سرطانية تفتك بالشخص الواحد قبل المجموعة التي ينتمي إليها. كل فرد على حدة يحب ذاته و يسعى لخدمتها غير أن المتزن منا يستطيع كبح جماحها ويعي نزواتها ويراعي مشاعر الآخرين
كلنا نتحدث عن التنمية البشرية وأهمية الموارد البشرية في خلق الثروة لكننا نغفل حساسية بعض الثوابت النفسية و الأخلاقية كالإيثار، حب الآخر، حب الوطن، الاعتراف بالجميل، التضحية في سبيل المجموعة ككل. مع طغيان المادة على الروح و أفول معظم القيام السامية، تسمو الأنانية و تطغى بوتيرة هندسية تكاد تجعلنا نشك في قناعاتنا ومبادئنا المصنفة حاليا في خانة المثاليات و الجماليات الواجب تجاوزها و إعطاء الأولوية للواقعية و المصلحة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *