ON THE ROAD TO EXTINCTION
August 4, 2018
عن الجانب النفسي لظاهرة تهجير الأدمغة العربية نحو الغرب
September 21, 2018

محاولة قراءة ما وراء تجليات الأزمة الإقتصادية في تركيا

يبدو أنه من السذاجة وضع قراءة آنية للأزمة التي أصابت العلاقات التركية الأمريكية وحصرها في أسباب سياسية محضة، لذا فمن الحكمة العودة الى الوراء وإعادة قراءة أهم الأحداث التي وقعت خصوصا منذ بداية القرن الحالي لمحاولة فهم ما يقع حاليا

لا يختلف اثنان في كون أن تركيا حققت نموا اقتصاديا لسنوات متتالية وأصبحت فاعل أساسي في ما يقع من أحداث في الشرق الاوسط، غير أنها ظلت تتبع خطاب مزدوج الأبعاد حيث تجدها تارة حليفا وتارة ندا للاخر. النمو الذي حققه الاقتصاد التركي جعل البعض منا يتوق الى رؤية دولة خلافة اسلامية يقودها الاتراك لاستعادة بعض كبرياء وكرامة الامة

ظاهريا هناك طفرة حدثت في بلاد الترك لكن مع ترك العاطفة جانبا وتفعيل العقلانية أكثر يتبين ومن العمق انه هناك عدة نقاط تحتاج للدراسة والتمحيص، ومنها نطرح ما يلي

قد تكون الأزمة الاقتصادية الحالية وليدة اختيارات اقتصادية استراتيجية خاطئة وليست نتاج عملية الخناق التي تمارسها أمريكا على تركيا باعتبارها قوة صاعدة. يستوجب فحص الخلل داخليا قبل الهرولة الى استعارة نظرية المؤامرة لتفسير كل شيء. بكل تأكيد هناك فوضى خلاقة وشرعنة دولية لكن ماذا عن التناقضات والهفوات الداخلية

هل يجوز فعلا الحديث عن نموذج اقتصادي تركي محلي مرصوص البنيان؟ أم يظل الاقتصاد التركي هشا تائها في غيابات التبعية للغرب والاعتماد على الاستثمارات والقروض الخارجية؟

الاستئثار بالسلط وتقوية سلطات الرئيس بعد محاولة الانقلاب لم تعمل إلا على إضعاف المؤسسات والمس ببنيان الدولة ككل، إذ انصب التركيز الذهني والنفسي لأصحاب القرار على تصفية ومتابعة المعارضين للنظام القائم داخل وخارج البلد

الم تتجاوز تركيا الحدود الحمراء عندما رفعت سقف الطموح الى الارتقاء الى مرتبة الحليف بينما أمريكا لا تقبل إلا بوجود أتباع في فلك معادلة دول المركز ودول الهامش. امريكا لا تكترث إلا بأمنها القومي وتثبيت سيطرتها على العالم

هناك تساؤلات عن مدى نجاعة السياسة الخارجية وتقلباتها المتتالية بخصوص مشاركة تركيا في المس بسيادة واستقرار البلدان المجاورة وتحقيق مكاسب جراء أزماتها وتبني خطاب متناقض الأبعاد الأداء

النمو الاقتصادي الذي تم تحقيقه لم ينعكس على التنمية الاجتماعية ولم يرقى بنمط عيش المواطن التركي

الا تعاني تركيا من حالة تيهان نفسي بين حلم الانتماء إلى السوق الأوروبية المشتركة وهوس إعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية باتباع سياسة التتريك والسيطرة على الدول العربية والاسلامية؟

أكيد أن ما سيقع في القادم من الأيام سيمنحنا بعض المؤشرات لتطوير قابلية فهم، ولو نسبيا، مجريات ما يقع من أحداث في ظل الضبابية التي تعتري المشهد السياسي في العالم بأسره

تم نشره بجريدة راي اليوم يوم 18 غشت 2018 محاولة قراءة ما وراء تجليات الأزمة الإقتصادية في تركيا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *