في الافتقارالى فكر نقدي سليم
October 16, 2016
العيش في كنف الماضي واستجداء عطف المستقبل
November 26, 2016

خواطر عن الكرامة

سبق للمفكر المغربي المهدي المنجرة وان تحدث عن الكرامة كقيمة إنسانية في زمن ما سماه زمن الذلقراطية من خلال كتاب انتفاضات في زمن الذلقراطية الذي كان بمثابة صرخة في وجه الإهانات التي يتعرض لها الإنسان في الوطن الاسلامي والح رحمة الله عليه على حساسية القيم في استمرارية المجموعات البشرية وتوصيف النزاعات الحالية بالحروب الحضارية التي تنهش جميع أنحاء المعمور

إذ نستحضر أفكار المرحوم باذن الله المهدي المنجرة، لايسعنا الا ان نتناول مسألة الكرامة ومسلمات العيش الكريم

عندما تثار المسألة للنقاش و يتم تداولها لدى الشارع فالاكيد انه هناك شرخ يتسيد النسيج الاجتماعي و يهدد تماسك لحمته

قد يبدي الفرد صبرا الى حد الجلد اتجاه الجوع والعطش، الحرمان من بعض مقومات العيش الكريم، قد يتنازل عن إشباع بعض الحاجيات المادية لكنه لن يسمح او يتفهم او يلتمس أي عذر للمس بكرامته أو استفزازها. ردود الفعل غالبا ما تكون غير متوقعة أو قابلة للاحتواء، مما يجسد للعيان حساسية المسألة التي ترقى إلى مستويات المس بالدين والشرف. فالضرر النفسي يحتاج إلى وقت طويل للترميم والتخفيف من آثاره ومع ذلك تبقى الرواسب في أعماق النفس البشرية بخلاف الضرر المادي القابل للعلاج والترميم. فالكرامة قيمة متجذرة في النفس البشرية تعبر عن عزة النفس وشموخها في عالم الماسي والمتناقضات، تلازم جميع القيم وتتعايش معها. كلما تحدثنا عن قيم الاحترام،العمل، الصبر، الإخلاص، الوفاء، النزاهة منفردة إلا استحضرنا قيمة الكرامة كقيمة ملازمة، تفقد تلك القيم معناها ومحتواها إذا انفصلت عن قيمة الكرامة

الكرامة قيمة لا تقبل الانشطار أو المساومة، انما هي كل لا يتجزأ

لا أحد يقبل المس بممتلكاته المادية أو المعنوية أو مصادرة حقه في الأمل والطموح فما بالك بكرامته. للمس بالكرامة تجليات متعددة ومتشابكة تجتمع على محور واحد: تقديس وهيمنة الذل والمهانة. فهناك الاستبداد بالرأي و تكريس الوصاية على الأفراد، مصادرة الحريات الفردية والجماعية، قطع الأرزاق، الشطط في استعمال السلطة، غياب العدالة الاجتماعية، اثقال كاهل الناس بالضرائب، استفزاز مشاعر العامة ومصادرة حقها في التطلع لغد أفضل

لا جرم أن واقع الإفلاس والرداءة والحرمان من الإشباع الروحي في ظل طغيان المادة يجعل التمسك بقيمة الكرامة أقوى من أي وقت مضى، فتغدو إهانة الفرد الواحد إهانة في حق الجماعة ككل خصوصا مع المعاناة من الممارسات اللاأخلاقية المتكررة لذوي النفوذ، فيزداد بذلك الإحساس بالاحتقار والتهميش في احضان الوطن الواحد إلى درجة التساؤل عن ماهية الوطن والوطنية. فأي خرق بسيط للقانون يمس قطمير من الكرامة يأخذ أبعادا غير متناهية

على المستوى الدولي يتجسد الذل من خلال تراتبية تفرضها القوى العظمى وتؤسس لها من خلال مؤسسات تخدم مصالحها وترعاها وتقدم إملاءات لحكومات لا تمثل إرادة الشعوب المسحوقة ، فهل من الممكن إسقاط تلك التراتبية على المواطنين على المستوى المحلي؟

من الغريب تسليط الضوء على كل فعل إهانة نتلقاه من أصحاب المناصب العليا وإغفال إهانة بعضنا للبعض و الإخلال بمعايير الاحترام والتقدير للآخر من خلال أدبيات مكارم الأخلاق وتلخيصها في المصالح الضيقة المحتمل تحصيلها وتجريد علاقاتنا من كل حس إنساني يحفظ كرامة الجميع

يبدو أن عملية صون كرامة الإنسان أينما حل وارتحل تتجسد في ثقافة تمارس من خلال سلوك يومي يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المقومات النفسية والمعنوية التي نتقاسم مسؤولية حمايتها

على النقيض من ذلك تستغل مسألة الكرامة من قبل القوى العظمى ومؤسساتها لتقسيم و بلقنة الدول والسيطرة على خيراتها في إطار الشرعنة الدولية والدفاع عن حقوق الإنسان

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *