في غيابات التطرف
April 5, 2019
القراءة كمفتاح حماية في منظومة الأمن القوم
April 5, 2019

عندما ما يصبح النظام التربوي آلة لصناعة الجهل والرداءة والتطرف

من النافل القول أن النظام التربوي بمعظم البلدان العربية أفلس وأضحى مصنعا لصناعة مجموعة من الأزمات المتشابكة والمعقدة التفكيك. سواءا كانت الأزمة متصلة بالاقتصاد أو السياسة أو الثقافة إلا وكان لنظام التربية والتعليم المتبع الوزر الأكبر من المسؤولية

تعتري النظام التربوي سلسلة من العلل وتخترقه خلايا سرطانية قاتلة جعلت مخرجاته عصية على التشخيص والفهم والعلاج. إذ انحرف عن وظيفته وأهمل دراسة نفسية المتلقي وحاجياته ولم يعد قادرا على الاستجابة لمتطلبات المستقبل لاستعارته لنماذج أجنبية جاهزة تقصي الخصوصية المحلية وتنسلخ عن ثقافة البيئة المعنية

باستعمال عين نقدية عميقة يتبين أنه من أخطر منتجات النظام التربوي العربي، هناك نزعات غير مرئية تقود الفرد والجماعة إلى الهلاك السريع

بادئ ذي البدء يمكن التركيز وبشدة على عملية تطوير فكر الارتزاق عند المتلقي حيث تُوظّف نزعات الأنانية والفر دانية والطموح لديه و يتم الزج به إلى التركيز أكثر على المظهر عوض المضمون والمدى القصير بدل المدى البعيد ، وينحصر هم الطالب في السعي وراء الشهادة الجامعية دون اكتساب المعرفة التي تعكس حقيقتها، ويزداد الأمر حدة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتردي الوضع الاجتماعي: لقمة العيش تعلو على ما سواها. من ناحية أخرى يبدو الأمر عاديا إذا كانت هناك محاولة لتحقيق التفوق بميزة جيدة لكن الأمر ليس اعتياديا عندما يتم اللجوء إلى الوسائل المشروعة والغير المشروعة على حد سواء حتى أصبح الغش حقا مكتسبا وواقعا لا يستحيى منه، مما يضرب في العمق قيم العمل الجاد والمثابرة والإخلاص ويطلق العنان لتوغل الانتهازية والنفعية والاتكال، فيصير المجتمع كيانا ينخره فقدان الثقة في النفس والشعور الدائم بالقلق والارتياب والخوف من الغد وافتقار الدرابة لمواجهة تحديات الحاضر وصناعة المستقبل، كيانا عنيفا ممزقا متلاشيا مجردا من هويته وحضوره

من الجلي أن المقاربة التربوية المتبعة تحارب عملية اكتساب وتطوير الفكر النقدي القائم على طرح التساؤل ومساءلة اليقينيات وتحث على التلقي المطلق و السريع للمعلومة دون محاولة تبيُّن ماهية حقيقتها وسبل اكتسابها ، الأمر الذي يجهز على روح الإبداع والخلق واستقلالية الشخصية والمبادرة ويقوي قابلية الاختراق والسيطرة على المتلقي الذي يصير مادة أولية للتطرف و الإجرام والانحراف. كما أن الغريب في الأمر هو تبني بعض الأنظمة لعملية صناعة أجيال قابلة للإخضاع والسيطرة بغية استدامة حكمها والحفاظ على امتيازاتها، فإذا به ينقلب السحر على الساحر و تجد نفسها في خدمة المجموعات الإرهابية وتغذية الآفات الاجتماعية من تشرد وإجرام ويصير الأمن القومي مطوقا و مخترقا من الداخل قبل الخارج

من المؤكد أنه يُنتظر من النظام التربوي كبح الغرائز الحيوانية من خوف وأنانية وطمع وحب السيطرة وتهذيب نزعات الطموح والتوسع وتوظيفها في خدمة الفرد نفسه والجماعة ككل، غير أن العكس الغير محمود يقع ويستفحل ويأتي على القيم وطبيعة السلوك القويم المعتدل فيصبح الضنك واقعا لامرية فيه

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *