TEACH SOMEONE A LESSON
April 10, 2018
TEMPTATION
April 18, 2018

تأملات في سلطة فكر الماضي على حاضر ومستقبل الوطن العربي

من النافل القول أننا نعتز بتاريخ أمتنا وتراث أجدادنا، ونحس بالحنين للفترات الخوالد ونُكِنُّ للأسلاف كل الاحترام و التقدير، و نرجو أن نقدم الإضافة ونحقق ما عجزوا عن بلوغه لربط الماضي بالحاضر و تجاوز العقود العجاف التي طال أمدها

غير أنه بتبني بعض العقلانية لكبح سلطة العاطفة التي تحكم سلوكنا ووعينا يتبين أن المغالاة في تمجيد الأجداد إلى درجة التقيد بنمط عيشهم وبنية تفكيرهم أضحت من أهم عوائق انبعاث بوادر النهضة لدينا، حيت أن سلطة الأسلاف تمتد من خلال تبنينا لعملية النقل المطلق و إلغاء معطى التاريخية، فصار بذلك مستقبلنا ماضيا دون عيش الحاضر فتجسد الهروب إلى الوراء كملاذ وحيد لدى الأغلبية منا

غالبا ما نتحدث عن قيم العمل و الاجتهاد و الإبداع غير أن واقعنا يعكس النقيض من خلال سلوكيات الكسل والتواكل والانزواء والتقليد، فانتقلنا من وضع الفاعل إلى خزي المفعول به منذ أمد بعيد، هناك إذن فجوة متسعة بين الوجدان والواقع، بين الفكر النظري و الفكر العملي

الغريب في الأمر هو اعتزازنا المندفع بتاريخ الأجداد رغم أننا لم ندرسه حق دراسته ولم تتعامل بجدية مع محاولات مساءلة وتفكيك مضامينه لجعله أكثر فعالية إلى درجة أن محاولات الإصلاح الديني تم الإجهاز عليها من طرف القوى الداخلية والخارجية على حد سواء

بالتأكيد أدت عملية إجهاض الاجتهاد إلى سيادة حالة الجمود والسكون وغياب أي دينامية قد تؤدي إلى استغلال كنوز تراثنا الثري، إذ اقتصر هَمُّ الأمراء على الحفاظ على الحكم وإخضاع الرعية طواعية أو كرها بمعية نشاط نخبة من رجال الدين احترفت الارتزاق كمصدر اغتناء وجاه. فطغت بذلك العقلية الفقهية على العقلية العلمية و هيمنت العاطفة على العقل وتم تهميش رجالات الفكر والفلسفة والعلوم، وبطبيعة الحال محاربة الفكر النقدي الفعال وبوادر قيامه وأضحت سلطة التأويل الديني تعلو على ما سواها من السلط وتنوعت مظاهر و أشكال التدين من خلال النهوض بالزوايا و الطرق الصوفية فتشكل بذلك وعي لا يستطيع الانفطام عن الموروث من قراءات وتأويلات و حتى ممارسات متقادمة تم تكريسها كبديهيات

في خضم وضع كهذا، من الطبيعي أن يطغى السياسي على الثقافي وينتظر منه حل كل المشاكل و الأزمات فيتم إهمال المخيال الاجتماعي ببنياته الثقافية المعقدة والمركبة لصالح سطوة الأشخاص بتقديسهم و تمجيد انجازاتهم إن وجدت. تلخص حقب حكم دول إسلامية في أسماء حكامها على مر التاريخ الإسلامي المتوفر

على المستوى الفردي، تتميز نفسية المواطن العربي بالتذمر و اليأس جراء توالي وتراكم الانتكاسات مما شكَّل عقيدة الهرولة إلى الماضي واستجداء عطفه ورسخ ترسبات الهزائم في وعيه أجهز على خصلة الإقدام والشجاعة على مواجهة تحديات الحاضر

صار الاستسلام و الخنوع و الاقتصار على ما هو موجود نمط حياة رتيبة سُلبت منها روح الأمل و التطلع إلى الكفاح والممانعة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *