الإقبال على الحياة وصناعة الغد
February 22, 2023
من موقع الفكر ومكانته تعرف مقام البلد
March 30, 2023

للتنمية جنود وأبطال

تعيش المنطقة العربية توقا عميقا إلى الخوض في تجربة تنموية حقيقية، تعيد شعوبها إلى قلب مجريات حركية التاريخ كفاعل مؤثر من أجل تقديم الإضافة وتحسس ماهية الحياة
.الحقيقية ولفظ أنفاس الذل والهوان والتبعية، فتقبل عليهم الدنيا وتنسج مسار الخوالد من السنوات، وتكسر قيد الأسر نحو أمجاد ماضي الأجداد البعيد

من المؤكد أن تحدي التنمية لا يقل أهمية عن تحدي الاستقلال والتحرر، بل هناك اتصال واسترسال بينهما، إذ بنجاح التجربة التنموية يترسخ الاستقلال ويتكرس التحرر، وتثبت قوة
.الوجود والحضور. كما أن طموح التنمية يرقى إلى مسألة حياة أو موت، من أجله تعيش الشعوب، وعلى أساسه تبنى التصورات والمخططات المستقبلية

تتعدد التجارب التنموية وتتراكم بتعدد الهويات والخصوصيات وتنوع المعطيات الجغرافية والثقافية والبنيات النفسية والذهنية، وتجتمع على قيم إنسانية مقدسة من قبيل: حضور الإرادة
.السياسية الصادقة، الشفافية والمساءلة والمحاسبة، التكليف حسب الاستحقاق، وتتأسس على تضحيات رجال همهم الوحيد خدمة الوطن والذود عن حياض الوطن ومقدساته

يستقر الإيمان بفكرة الخوض في تجربة التنمية في عمق النفوس الصادقة وتصدقها المبادرات والأفعال التي تعبر ضمنياً عن توق الناس إلى العيش الكريم وإبراز الذات والتعبير عن
.مكنوناتها، عوض تفريغ المكبوتات والاضطرابات النفسية والذهنية

قد لا نبالغ في القول إن طموح الناس لا ينكب أساساً على حياة الرغد والرفاهية، بقدر ما يتمحور على تحقيق فرصة رفع الرأس فخرا أمام الشعوب الأخرى، بما يقدمه وينتجه ويبدعه
.البلد محليا، فيغدو إسهاما عالميا

حقيقة، تجد كل تجربة تنموية بذور انبعاثها في طموحات الناس ومخاوفهم وانكساراتهم المعنوية وإخفاقاتهم المادية. وتعمل على تحويل الشحنات السلبية إلى قوة دفع وطاقة من أجل خلق الأمل وإحياء النفوس وحشد الهمم. لذلك ينطلق المشروع التنموي من العمق ويجد استدامته في خدمة الجميع وتوزيع عادل لحسناته وخيراته، ويتجسد في دولة مؤسسات حيث
.تصان الحقوق والتخصصات ويوقر مبدأ فصل السلطات، ويحارب الاحتكار والمصادرة، ولا يقدس الأشخاص، ويسمو الحس الوطني على ما سواه

تحتضن فكرة المشروع التنموي قيادة شجاعة وهبت ذاتها لخدمة الجماعة واحتضان طموحات الناس وجبر خواطرهم والاستماتة في صون كرامتهم وصنع ثوابت العيش الكريم. حتما تجد القيادة الناجحة روحها في نفوس نقية تحركها الأنفة وحب الوطن وخدمة الناس والبسالة في الذود عن كرامته المادية والمعنوية وترسيخ العدل وتنشيط فضائل القيم الإنسانية،
.وتتعايش مع حالة مزمنة من تأنيب الضمير بسبب الإحساس الدائم بالتقصير، مهما بلغت إنجازاتها وتكابد من أجل رفع سقف طموحات الناس

.يا لها من ذخيرة تتشرف الرحم بولادتها ويرفع الدعاء لها بالحفظ والسداد والتوفيق، كيف لا وهي من تحيا بخدمة الآخر وتجاهد حتى تظل الفكرة التنموية قيد الحياة والتطور

تجد الشعوب ضالتها في رجال تنجبهم الشدائد وتهابهم النزوات والغرائز البدائية ولا يسخرون مقومات البلد في خدمة المصالح الخاصة ويمتلكون البصيرة والرؤية من أجل حمل مشعل توهج الناس والدفع بهم نحو البذل والعطاء عبر الاحتضان والصقل والتقنين. لهم كلمات وأفعال تنحفر في الذاكرة وتستقر في الوجدان، فيكتب لها الحياة الأبدية وتلهم الأجيال.
.إنهم أخيار يؤمنون بالتواصل مع الناس ويؤسسون لأنساقه، دحرا لعار الوصاية ووأدا لجذورها ومعرة مخرجاتها

ثمة نماذج تنموية متعددة نعاين ثمار تضحيات رجالاتها من خلال تجليات دولة مؤسسات حيث يعلو القانون ويسود وتنشط منظومة القيم الإنسانية الجميلة وتقدس كرامة الوجود
.البشري

.من المؤكد أن شرف قيادة التجارب التنموية لا يمنح لأي كان، وإلا فقد الشرف هويته وتلاشت قيمته وتبرأ من حامله

تم نشر المقالة على العربي الجديد يوم 15 يناير 2023 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *