Why should I believe in God?
April 9, 2016
عقلية المظاهر ومجتمع التفاهات
April 16, 2016

ثقافة الجحود ونكران الجميل

غالبا ما نحس بالفخر و الاعتزاز بعد الإقدام على أي نوع من عمل الخير. إنها خصلة جُبلت عليها النفس البشرية ودُعي كل شخص إلى تقويتها. عند إسداء أي مساعدة لشخص ما نحس بنوع من السعادة بعد سماع كلمة شكر كنوع من الاعتراف الضمني بالجميل رغم أننا لا نرجو سماعها، لكنها مع ذلك تدفعنا إلى تقديم المزيد. غير أن كل هذا يبدو في تقهقر مع سمو الأنانية و الفردانية، ويسود الجحود ونكران الجميل
فالجحود هو مصدر فعل جحد أي أنكر الشيء مع علمه به ولم يعترف به. يولد الجحود ويترعرع في أحضان الأنانية و الإعجاب بالنفس. فالأناني إنسان منغلق على نفسه ولا يهتم بالآخر. ينغمس في تحقيق رغباته و إشباع حاجياته دون الاكتراث بمصالح الآخر. يظن أن المجموعة الشمسية بأكملها خلقت لخدمة نزواته. فكيف له أن يعترف بفضل الآخرين أو حتى وجودهم. يحيى الفردانية ومستعد للتضحية بمصالح المجموعة ككل لتحقيق مساعيه
يمكن كذلك تفسير الجحود بقصور في التربية مما يؤدي إلى خلل في المنظومة الأخلاقية للفرد. فتربية الطفل المدلل و الاهتمام الزائد به يولد لديه الأنانية و فكرة التفوق على الجميع كمسلمة من المسلمات، مما يقوي لديه مبدأ الوصول إلى الأشياء مع عدم التمعن في السبل و الوسائل و تقديس المقولة الشهيرة الغاية تبرر الوسيلة
نحن قوم لا نعترف بالجميل ولا بتضحيات الآخرين. و لا نجعل لأخلاقيات الشكر مقاما في سلوكنا اليومي. فلا نثمن مجهودات المعلم، الطبيب، الممرض، الفقيه، عامل النظافة و الجندي. يكفي الاطلاع على واقع الجنود الذين كانوا تحت الأسر عند مرتزقة البوليساريو، لا يعترف لهم المجتمع بالجميل ولم يفكر في تكريمهم حتى معنويا
نحتقر المعلم الذي علمنا أبجديات العلوم وأنقذنا من الجهل و الأمية وأحيانا نستهزئ به. ننعث الفقيه بشتى ألفاظ الاحتقار
فاتحة القرآن الكريم تبتدئ بكلمة الحمد ونرددها عند كل صلاة، وعند تلاوة القرآن نجد تكرار لكلمتي الشكر والحمد في عدة آيات
الأجدر بتلقي مشاعر و كلمات الشكر هو المولى العزيز الكريم، فنعمه لا تحصى و لا تُعد، فجُوده و كرمه فاق كل قدرات إدراكنا. ومن رحمته تعالى وعده بالمزيد من النعم للشاكرين. ثم يأتي شكر الوالدين لتضحياتهما من أجل ضمان العيش الكريم لنا ثم بقية الناس
الاعتراف بالجميل وتقديم الشكر هو مرتبة عالية من مكارم الأخلاق وسمو النفس. فإمداد المعروف للكريم هو بمثابة مسؤولية تكبله و تلقي دينا بوزن الجبال على عاتقه. فهو سجين ذلك المعروف ولن يقبل على أي نوع من التمرد. كما أن تقديم الشكر يحفز الآخر على تقديم المزيد والذهاب بعيدا في قضاء حوائج الناس
سيقول قائل الجحود هو القاعدة والشكر هو الاستثناء. قطعا نتفق معه ونرد بأن سنة الله في خلقه تجعل الخبيث كثيرا و طاغيا بينما الطيب يبقى قليلا إن لم نقل نادرا ومن كثرة الخبيث ندرك ونلمس أهمية الطيب
غير أن الترفع عن دنايا الأمور يجعلنا نعمل على الأقدام على عمل الخير حبا في الخير و جعله خالصا لجلاله و احتساب الأجر عنده ولن نتوق لسماع أي تعبير عن شكر أو امتنان كما هي سنة جميع الأنبياء والرسل لا نسألكم جزاءا ولا شكورا
ومن نبل أخلاق الشاكرين ترديدهم لكلمة الشكر عند تقديمهم لأي معروف، فالواحد منهم يُكرمك بمعروفه ويشكرك على إعطائه تلك الفرصة
الللهم اجعلنا من عبادك المخلصين الشاكرين و لا تكلنا إلى من سواك

4 Comments

  1. يوسف أودرى says:

    الحمد لله على نعمة المفكرين العظماء في بلدنا

  2. Youssef Oudra says:

    هناك العديدون منهم ممن فضلوا التقوقع والاختباء
    على عكس أنصاف العارفين الذين تعلموا كيف يصلون إلى الجمهور
    رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يختار الناس الذين سيساعدونه في إيصال رسالته، وكان يختار رسله بعناية كبيرة
    كما أنه كان يختار منبرا يراه الجميع
    كان فنانا في اختيار وسائل الاتصال، وتلك سنة محمدية ربما لا يعترف بها معظم العلماء الحقيقيين الذين أخلوا المكان لمن يتقنون التواصل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *