The Gift Of Smiling
January 24, 2023
تأملات في رحاب: أَلَمۡ یَجِدۡكَ یَتِیما فَـَٔاوَىٰ وَوَجَدَكَ ضَاۤلا فَهَدَىٰ وَوَجَدَكَ عَاۤىِٕلا فَأَغۡنَىٰ
January 27, 2023

عن تذبذب معدل نمو الاقتصاد المغربي

يتوقع البنك المركزي في المغرب تسجيل معدل نمو جد بطيء لا يتجاوز نسبة 0.8 % خلال السنة الجارية نتيجة تراجع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 14.7 %. يعكس هذا التوقع و
.باختزال نوعية الأداء الاقتصادي لهذه السنة ويقيده بين أحضان القطاع الفلاحي مما يعمق من إحباط المواطنين من الأداء الحكومي ونجاعة السياسات المتبعة

بكل تأكيد، يئن البلد تحت وطأة ظرفية اقتصادية صعبة بفعل وقع جائحة كورونا وارتفاع نسب التضخم في مجموعة من بلدان العالم وحدوث أسوأ أزمة جفاف منذ 30 سنة وفي خضم
.أحداث سياسية دولية متقلبة تسودها الضبابية بفعل هندسة تحالفات جيواستراتيجية جديدة وربما تشكل ملامح نظام عالمي جديد في الأفق

نرى أن التوقع منطقيا في حضور مجموعة من الحقائق التي تستوطن قلب الاقتصاد المغربي ويدعو إلى مساءلة ثوابت منظومة الأمن الاقتصادي، مصادر النمو الاقتصادي، بنية
.ونوعية ثوابت الناتج الداخلي الخام، فعالية التصورات القائمة، جدلية الإنتاج والتوزيع والفوارق الاجتماعية المتفاقمة، البدائل الممكنة والواقعية نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام

عندما نتحدث عن النمو الاقتصادي، نتحدث ضمنيا عن قيمة مضافة بفعل حركية ناتجة عن محاولات جدية من أجل تحقيق الإضافة والسعي وراء طموح التنمية والتقدم. تقنيا، يحيل معدل النمو الاقتصادي على أداء الاقتصاد الوطني خلال سنة معينة، لذلك فهو يكتسي خاصية الظرفي إذ يحتسب سنويا بمنسوب الناتج الداخلي الخام، ويتجسد كانعكاس لنشاط منظومة
.اقتصادية شاملة خلال سنة معينة مما يستدعي التأني والحذر في الدراسة وعدم الجزم وضرورة تفكيك العناصر العضوية للمنظومة والعناصر الخارجية المؤثرة

من النافل القول أن الاقتصاد المغربي يعاني مشاكل بنيوية تحول دون تحقيق نمو اقتصادي مستدام، تتجسد في عوائق بنيوية متداخلة غير قابلة للاختزال في الجانب التقني الصرف، إذ تهم البنيات الاجتماعية، والثقافية والسياسية والذهنية والنفسية، وتستدعي التشريح والمتابعة لتطور مسارها التاريخي والتي تظل تظل مؤثرة بكيفية سلبية مادامت الحلول المقترحة
.إجرائية ظرفية تنكب على تجليات الفروع و لا تستهدف الأصول

تظل هذه المشاكل البنيوية مركبة تتعمق سنة بعد أخرى وتفرض نفسها بقوة حيث تزداد حدة كلما تأخرت الإصلاحات الجذرية التي لا مناص من الخوض في التعامل معها بجدية وحزم. نتحدث عن البنيات الفكرية التقليدية المهيمنة، غياب تصورات تحديثية فعالة، بنيات ذهنية ونفسية محبطة، العوائق الإدارية والبيروقراطية، الريع والاحتكار، غياب التنوع والتعدد، الافتقاد إلى الحركية والتنافسية، طبيعة العلاقة الجدلية بين السياسة والاقتصاد، ثقل نفقات خدمة الديون، الحساسية المفرطة نحو تقلبات أسعار الطاقة، هشاشة بنيوية، تبعية الاقتصاد
… لتقلبات المناخ، استمرار العجز البنيوي في ميزانية الدولة، ضعف المقاولة الداخلية، غياب البيئة الاقتصادية المحتضنة للأفكار والإبداع

لا أحد ينكر المجهود الجبار الذي بذل خلال العقدين الأخيرين على مستوى البنيات التحتية من أجل تحفيز الاستثمار و جلب الاستثمارات الخارجية، وتشجيع السياحة، و الاجتهاد في اكتساب الخبرة في قطاع صناعة السيارات والخدمات المالية، لكن مع ذلك يظل الاقتصاد رهينا بمخرجات القطاع الفلاحي، إذ تستأثر الزراعة في المغرب بأكبر حصة من اليد العاملة و
.تبقى هي الأخرى تحت رحمة تقلبات المناخ

يبدو أنه هناك إصرار على التقيد بنفس التصورات التي تفرض بعض التساؤلات الموضوعية من قبيل: هل حقق المخطط الأخضر الأهداف التي وضع من أجلها؟ هل تحقق الاكتفاء الغذائي الذاتي في حضور وازن للقطاع الفلاحي داخل النسق الاقتصادي العام؟ ماذا عن بنية الاستثمار الإجمالي حيث يستأثر الاستثمار العمومي بالثلثين؟ هل المغرب قادر فعلا على الانتقال من مجتمع فلاحي إلى مجتمع صناعي وهل تحققت عوامل وشروط هذا الانتقال؟ من يستفيد أكثر من حسنات النمو عند تحقيقه؟ إضافة إلى مجموعة من الأسئلة المحورية
.بخصوص هوية القطاع الخاص المحلي وحقيقة الرأسمال الوطني

من الواجب التعامل مع كل المجهودات التي بذلت والمحاولات المتراكمة بطريقة نقدية بناءة والاستفادة من الأخطاء من أجل تجاوز الخيبات والإخفاقات والتأسيس لرؤية تشاركية نحو نسق إقلاع يقوم على ثوابت قوة دفع ومواكبة تتحقق من خلال: توفر إرادة حقيقية، بناء رؤية استشرافية تشاركية، تعبيد الطريق للشباب لولوج سوق الشغل، الرفع من المستوى الأكاديمي والتقني للموارد البشرية، تنويع مصادر النمو الاقتصادي، المشاركة الاقتصادية من خلال تعدد الفاعلين، الرفع من إنتاجية المقاولات المحلية، تحقق الإطار القانوني والتنظيمي لممارسة ومواكبة الأعمال وتوفير الأمن الكامل للمستثمرين ، التخفيف من حدة الإجراءات البيروقراطية، عصرنة الممارسة الاقتصادية، إصلاح ضريبي جذري، والتقليص
.من الفوارق الاجتماعية بتحقيق عدالة الاستفادة من توزيع الثروات

تم نشر المقالة على رأي اليوم يوم 01 أكتوبر 2022 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *