التداوي بالكتابة
October 22, 2022
2050
November 9, 2022

تصورات حول مكنون كلمة “اقرأ”

نحن بصدد الحديث عن كلمة استقرت على الألسن وشغلت أولو الألباب و أحدثت ثورة في تاريخ الحياة البشرية ومهدت لإسهام ثقيل في الحضارة الإنسانية واسست لقطيعة مع مجموعة من الأنساق الفكرية والممارسات الفعلية. كلمة تحتفظ بكيانها الاستثنائي الثقيل والمتحرك بفعل ذخائر المكنونات التي تكتنز و تدعو للاكتشاف والتدبر المستمر. لا يتعلق الأمر بالجانب العقائدي الصرف وإنما يمتد إلى عوالم متعددة ومتداخلة عصية على الاستقصاء أو الاحتواء. يستحق هذا الأمر بالقراءة الذي ولد من رحم مدرسة غار حراء التدبر والتفكر بفعل
.الحيوية والدينامية التي يبث أينما وجد و الراهنية التي تواكبه مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة
تحيل الكلمة على منهاج عملي ينير الطريق ويمنح الرؤية ويحمي القارئ من الضياع في غبابات الجهل والضعف والضنك وقلة الحيلة والتبعية، وتؤسس لخطاب موجه للفرد قبل
.الجماعة من أجل النهوض بمسؤوليته والانخراط في عمليات البناء والإنتاج والتنوير

تحقق الاستقلالية وقيادة الذات

تجسد كلمة اقرأ لدعوة شخصية الى القراءة ومحاولة الفهم والتدبر وإعمال العقل مع الانسلاخ المؤقت والممنهج عن قراءة الآخرين دون الإنكار أو الازدراء من كل إسهام. لكل منهله وبنيته الفكرية وتجربته الذاتية وقناعته، لا حجة لأحد في النزوع نحو التواكل وترك مبدأ الأخذ بالأسباب في التدبر والخوض في تجربة بناء تصورات الفهم والانخراط في محنة السؤال ولو تعلق الأمر بقراءة الكتاب العزيز. ثمة دعوة إلى بناء أنساق التفكير الذاتي وتملك الإدراك الشخصي لبناء مناعة فكرية حصينة تنأى بصاحبها عن الوصاية و الزيغ و الاستلاب
.و الاستقطاب والضلال

ثورة ناعمة في قلب تجربة القراءة

ظاهريا، تبدو الكلمة ناعمة و سلسة غير أن التجلي الخفي يؤسس لكلمة ثقيلة قوية ثورية لها أثر عميق في النفوس وعلى مصائر الشعوب ونوعية نمط عيشها وتدبير أحوالها. أليست المعلومة من يخلق الفرق بين الفقير والغني، بين المتقدم والمتأخر، بين المستقل والتابع؟
من فعل القراءة تنطلق جميع الحسنات وتستفز الملكات وتبدع المبادرات وتعمم الثورات سواء أكانت ثقافية أو علمية او فلاحية أو صناعية مادام المنطلق هو العنصر البشري مبدع
.عمليات البناء والاعمار. تتحقق تجربة الاقلاع بابداع الأفكار وتراكم التجارب وتعدد الفاعلين

تجربة مسترسلة لعدم استقرار العناصر

لا تطمئن تجربة القراءة إلى مقاربة معينة حيث الاستقرار الفكري والجزم العلمي ومنطق بناء الأحكام، بل هي مقاربة متحركة ثورية لزوال المفاهيم وتجدد التصورات ونسبية
.المخرجات، تترقب إسهامات المستقبل بكل شغف وحذر لأن عقيدتها التغير والتفنيد والتفكر الدائم

دعوة إلى بناء مجتمع المعرفة

دعوة إلى بناء مجتمع معرفة حيث تسمو سلطة العلم وتقدس المعرفة ويتم الانفصام عن الأسطورة والخرافة والتأويلات العقيمة من أجل تهيئة بيئة خصبة للإقلاع والتنمية. يزخر المعطى البشري بالذخائر و الملكات والطاقات لكنه يحتاج الى بيئة تستوعب طموحاتها وتمتص أرقه وأوجاعه وتفتح له باب الافاق على مصراعيه وتتيح له بلوغ توازنه النفسي
.والذهني
.من أخذ بالكلمة وجعلها ثقافة راسخة اعتلى وارتقى وفرض الذات والاحترام وفتح الآفاق والآمال، ومن أعرض عنها فهو في غيابات التخلف والذل يشقى ويحيى

تم نشر المقالة على رأي اليوم يوم 25 شتنبر 2022 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *