تجسد كلمة اقرأ لدعوة شخصية الى القراءة ومحاولة الفهم والتدبر وإعمال العقل مع الانسلاخ المؤقت والممنهج عن قراءة الآخرين دون الإنكار أو الازدراء من كل إسهام. لكل منهله وبنيته الفكرية وتجربته الذاتية وقناعته، لا حجة لأحد في النزوع نحو التواكل وترك مبدأ الأخذ بالأسباب في التدبر والخوض في تجربة بناء تصورات الفهم والانخراط في محنة السؤال ولو تعلق الأمر بقراءة الكتاب العزيز. ثمة دعوة إلى بناء أنساق التفكير الذاتي وتملك الإدراك الشخصي لبناء مناعة فكرية حصينة تنأى بصاحبها عن الوصاية و الزيغ و الاستلاب
.و الاستقطاب والضلال
ظاهريا، تبدو الكلمة ناعمة و سلسة غير أن التجلي الخفي يؤسس لكلمة ثقيلة قوية ثورية لها أثر عميق في النفوس وعلى مصائر الشعوب ونوعية نمط عيشها وتدبير أحوالها. أليست المعلومة من يخلق الفرق بين الفقير والغني، بين المتقدم والمتأخر، بين المستقل والتابع؟
من فعل القراءة تنطلق جميع الحسنات وتستفز الملكات وتبدع المبادرات وتعمم الثورات سواء أكانت ثقافية أو علمية او فلاحية أو صناعية مادام المنطلق هو العنصر البشري مبدع
.عمليات البناء والاعمار. تتحقق تجربة الاقلاع بابداع الأفكار وتراكم التجارب وتعدد الفاعلين
لا تطمئن تجربة القراءة إلى مقاربة معينة حيث الاستقرار الفكري والجزم العلمي ومنطق بناء الأحكام، بل هي مقاربة متحركة ثورية لزوال المفاهيم وتجدد التصورات ونسبية
.المخرجات، تترقب إسهامات المستقبل بكل شغف وحذر لأن عقيدتها التغير والتفنيد والتفكر الدائم
دعوة إلى بناء مجتمع معرفة حيث تسمو سلطة العلم وتقدس المعرفة ويتم الانفصام عن الأسطورة والخرافة والتأويلات العقيمة من أجل تهيئة بيئة خصبة للإقلاع والتنمية. يزخر المعطى البشري بالذخائر و الملكات والطاقات لكنه يحتاج الى بيئة تستوعب طموحاتها وتمتص أرقه وأوجاعه وتفتح له باب الافاق على مصراعيه وتتيح له بلوغ توازنه النفسي
.والذهني
.من أخذ بالكلمة وجعلها ثقافة راسخة اعتلى وارتقى وفرض الذات والاحترام وفتح الآفاق والآمال، ومن أعرض عنها فهو في غيابات التخلف والذل يشقى ويحيى
تم نشر المقالة على رأي اليوم يوم 25 شتنبر 2022 أنقر