يظل طموح ولوج العالمية مؤجلا أو ربما مفوتا في خضم تناقضات داخلية قاتلة. هل يتم بلوغ الهدف إذا لم تتوفر النية والتصور والإرادة والخطة لبلوغه؟
هناك من يعيش وهم التميز ولا يعتبر نفسه معنيا بالخوض في عناء الوصول للقارئ العالمي ويترك له مسؤولية البحث والتقرب إلى أعماله في عالم يشتغل بقوانين التسويق
.وتكنولوجيا العالم الرقمي. ربما تقدم الإنترنت الآن فرصة للتعريف بالأعمال الإبداعية وتقدمها إلى أماكن كانت بعيدة في الأمس القريب
من ناحية أخرى يسجل غياب التواصل الفعلي البناء بين الكتاب العرب وعدم تسيد ثقافة التحفيز والتشجيع لبعضهم البعض، بل ربما هناك نزوع نحو الهدم من خلال النقد الهدام والازدراء وعدم الاهتمام بإنتاج الآخرين. من المؤسف أن لا يجد الكاتب التشجيع حتى وسط أهله و يصنف عندهم بالحالم الطوباوي الخارج عن سير الأحداث ويظل طريدة عمليات الجلد
.من كل حدب وصوب
قد يكون لموقع اللغة العربية بين اللغات الحية عالميا يدا في عدم ولوج الرواية العالمية. من المؤكد أن واقع البلد التنموي يعكس بكثير واقع اللغة الوطنية التي تفتقد الحركية والإغناء بسبب تقصير أهلها وتخلفهم الفكري والمعرفي. كيف تحظى الأعمال الروائية العربية بالاحترام والتقدير وشغف المتابعة من لدن القارئ الأجنبي إذا كان العرب أنفسهم لا يقرأون ولا ينتجون ولا يكترثون لحال لغتهم الأصلية؟
حقيقة، برهن مجموعة من الروائيين في المنطقة العربية على ذكاء وخصوصية و فردانية العمل الروائي العربي وتميزه وغناه وعمق ما يتناوله من عناصر عمل. لكن، تبقى تلك الأعمال فلتات بمجهود فردي شخصي من صلب مبدعين عباقرة في غياب تراكم إنتاجي يشكل قوة دفع للرواية العربية. هل بلغت الرواية العربية النضج اللازم واكتسبت الخصوصية من أجل التوسع والانتشار؟
معظمنا يعرف أسباب عدم اكتراث من في التدبير بالنهوض بالإنتاج المعرفي واحتضانه، إذ تبقى فكرة الاستثمار في إنتاج وترويج الإبداعات الروائية طوباوية و مطوقة من كل جانب. للدولة أولويات تستحق التركيز أكثر من قبيل المأكل والمشرب والمسكن والتعليم والصحة والأمن وتبقى الرواية ترفا وضربا من العبث. مادامت مجموعة من المفاهيم تحظى بالسطحية والفوضى فمن المستبعد أن يجد الشأن الثقافي التعامل الذي يستحق ولن نرى إلا الأسوأ، نتحدث هنا على سبيل المثال لا الحصر على مفاهيم التنمية، منظومة الأمن القومي، المواطنة
.والعيش الكريم
ربما لا يرقى أداء الترجمة إلى مستوى تميز الإبداع الروائي وبالتالي تسيء إلى جمالية العمل وخصوصيته. في الواقع عندما نتحدث عن ترجمة الرواية، نحن بصدد عملية معقدة للغاية تكتنفها الأمانة والحذر والحرص في الحفاظ على عناصر العمل والتعامل معه بمهارة وتركيز وتدقيق وتمحيص وإحاطة بالجوانب النفسية والذهنية وبيئة الإنتاج حتى يتسنى التزام الوفاء في التبليغ ونقل محتوى النص الإبداعي. عندما تتم عملية الترجمة بطريقة تقنية تنفصل عن ما ذكرناه من عناصر يتم ضمنيا التقصير في الحفاظ على قيمة الإبداع وتجريده من
.جماليته وتفرده
عند الإقدام على كتابة الرواية، هل يفكر الروائي العربي في نوعية القارئ الذي يخاطب ويوجه له رسائله؟ هل يتم الاقتصار على مخاطبة القارئ العربي الذي يشاركه الانتماء والهموم وبالتالي ينزوي تلقائيا في الخصوصية المحلية وبناء، لا إراديا، لحواجز تحول دون انغماس جميع القراء في العمل الروائي ؟
أم أنه يحاول إشراك القارئ في العمل ودعوته إلى الانصهار في مشروعه الإبداعي بمقاربة ما هو مشترك إنساني صرف؟
.ماذا عن من يحاول الخروج بالخصوصية المحلية إلى العالمية ما دامت رأسمالا إنسانيا صرفا؟ وهذا موضوع آخر يستحق البحث والغوص
تم نشر المقالة على العربي الجديد يوم 13 فبراير 2023 أنقر