إلى من يهمه أمر مستقبل العلاقات بين المغرب والجزائر
March 21, 2022
في قلب عملية بناء الرأي
June 13, 2022

قراءة في خطة الرئيس بايدن الاستثمارية الضخمة في البنى التحتية

أقر الكونغرس الأمريكي بصورة نهائية الأسبوع المنصرم خطة استثمارية ضخمة بقيمة 1.2 تريليون دولار طرحها الرئيس جو بايدن لتحديث البنى التحتية المتقادمة في مجموع التراب الأميريكي، تدخل الخطة في مسار ترميم البيت الداخلي والانكباب على المطبات الداخلية من أجل دب الحيوية والحركية في البلد واستعادة الثقة في النفس و إعطاء دفعة قوية
.للاقتصاد وتقوية تماسك النسيج الاجتماعي ومنافسة القوى الخارجية

من المؤكد أن الخطة ليست بالعادية بل هي استثنائية وثورية بكل المقاييس, ترمي إلى إعادة بناء أمريكا وتتضمن استثمارات ضخمة تهم الخمسون ولاية أمريكية وتصنف بالانجاز الأهم منذ ستينات القرن الماضي وتشكل ردة فعل ضرورية لما شهدته البلاد من هزات اقتصادية واجتماعية وبيئية خلال السنوات الأخيرة. يجد هذا المشروع الضخم مصادر تمويله من
.الزيادة في الضرائب على الأغنياء واعفاء كل من يقل دخله السنوي على 400.000 دولار

في انتظار المصادقة على الخطة الثانية من البرنامج العام و المتعلقة أساسا بالمجالين الاجتماعي والمناخي، تمثل المصادقة على خطة تحديث البنيات التحتية دفعة نفسية وتحفيزية
.قوية للرئيس جو بايدن الذي استطاع تمريرها بعد فشل من سبقه على رأس الإدارة الأمريكية

أين تتجسد أهمية الخطة وما هي العبر الممكن استنتاجها من محتويات عناصرها؟

خطة داخلية بأبعاد استراتيجية مستقبلية

.نتحدث هنا عن خطة ضخمة من أجل رفع التحديات، جاءت تتويجا لطموح راود من سبق من رؤساء واستجابة لنداء رجال الأعمال وقادة النقابات وخطوة مفصلية نحو المستقبل

تجد الخطة ماهيتها في مساءلة الذات وتفكيك تفاصيل عناصر العمق الأمريكي نفسيا وذهنيا واجتماعيا واقتصاديا و الذي يشهد اضطرابات متعددة طفت تجلياتها الى الواجهة خلال
.السنين الأخيرة، مما حدا بإدارة بايدن إلى التركيز على الإجراءات النوعية من أجل كشف الغمة و خلق الفارق بعدما تم تشريح الوضع بدقة وتمعن

:تكتنف الخطة طموحات ضخمة بأبعاد استراتيجية تتمثل في

.تثبيت ركائز الأمن القومي وضمان تماسك اللحمة الداخلية و تخفيف الفوارق العرقية والاجتماعية والاقتصادية –
.تقوية مسار التجربة الديمقراطية الأمريكية –
.الحفاظ على الريادة العالمية ثقافيا و اقتصاديا وعسكريا و الذود عن ثوابت نمط العيش الأمريكي –
.مواجهة منافسة الصين وروسيا والقوى الصاعدة –

تقوية الداخل أولوية الأولويات

على مستوى البنية التحتية، يرمي هذا الاستثمار العمومي إلى إرجاع الاستثمارات الحكومية إلى الولايات الفيدرالية من أجل خلق الحركية و التخلص من الركود الذي استوطن الاستثمار الفيدرالي فيما يخص البنية التحتية والبحث العلمي، حيث تهدف الخطة إلى إعادة بناء وترميم البنية التحتية من طرق وقناطر وسكك حديدية وهياكل النقل العمومي وتحسين خدمة
.الانترنيت والانتقال السريع إلى استعمال موارد الطاقة النظيفة و تمويل الأبحاث في الذكاء الصناعي

اقتصاديا، ترجو الخطة تحسين بنيات الاقتصاد المحلي وتقوية مردوديته وقدرته الإنتاجية وتنافسيته من أجل خلق الملايين من فرص الشغل خصوصا للشريحة التي لا تتوفر على
.شواهد ومهارات نوعية ومحاولة إدماج أكبر عدد من المواطنين في العملية الإنتاجية

.هناك اهتمام خاص بتقوية الصناعة الصيدلية من أجل مواجهة أوبئة مستقبلية محتملة و ميل نوعي نحو تشجيع صناعة واستعمال السيارات الكهربائية وبناء محطات شحن خاصة بها

ما يستشف من عبر من الخطة الأمريكية

أولا، يجد الأمن القومي محدداته ومقوماته في تفاصيل الحياة الفردية من هموم واهتمامات وطموحات شخصية، ليس غريبا إذن أن تعطى الأولوية للجانب النفسي والذهني من أجل
.تحقيق تماسك النسيج الاجتماعي وتعبئة الشعب نحو العمل والانخراط في تجربة التنمية ورفع التحديات الخارجية

ثانيا، ثمة إجماع وطني حول ضرورة التحرك والتعبئة من أجل مجابهة المنافس الخارجي ويتضح ذلك جليا في تصويت بعض نواب الحزب الجمهوري على الخطة وتسهيل عملية
.المصادقة عليها. بعبارة أخرى، هناك وعي تام بوجوب ترميم الداخل وتقوية عناصره قبل الانطلاق نحو الخارج

ثالثا، تبقى الطبقة الوسطى النواة الصلبة في الخلية الاجتماعية والمحرك الرئيسي للدورة الاقتصادية لذلك تحظى بالأهمية القصوى والتعامل الحساس من أجل توسيع قاعدتها
.واستفادتها من الاعفاء أو التقليص من الزيادة في الضرائب خير دليل على ذلك

رابعا، قد تكون الرأسمالية المحلية بصدد مساءلة نفسها و معالجة تناقضاتها الداخلية من خلال الإقدام على تقليص الفوارق الاجتماعية بخلق اقتصاد مدر للدخل على الجميع وتحقيق
.معادلة ودية بين النمو والتنمية و تناسق بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية و فرض منطق تكافؤ الفرص وفق قيم العمل والشفافية والمحاسبة

.خامسا، الحاجة الملحة إلى الاستشراف والتبصر من أجل البقاء

لا مجال للصدفة، كل شيء يتم وفق الدراسة والتخطيط والعمل. يتحدد المستقبل بنوعية معطيات الحاضر وما يتم تنفيذه من مخططات وبرامج عمل ورؤى كانت مستقبلية إلى حدود
.الماضي القريب. كل خطوة تتم وفق تصور تشاركي ونسق عمل يأخذ بالتفاصيل ويقدس البحث العلمي والإبداع البشري ولا يكترث بأنانية ومزاج ونزوات الحكام

تم نشر المقالة على رأي اليوم يوم 11 نوفمبر 2021 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *