الدول العربية وشبح الديون الخارجية
March 18, 2022
قراءة في خطة الرئيس بايدن الاستثمارية الضخمة في البنى التحتية
March 22, 2022

إلى من يهمه أمر مستقبل العلاقات بين المغرب والجزائر

تستمر العلاقات الديبلوماسية المغربية الجزائرية في التوتر والتشنج والانحسار والنزوح نحو اختزال تاريخ طويل من الجوار والعيش المشترك في ردود فعل ظرفية ولحظات عابرة
.عنوانها التعنت والجهل والتهور لا يستمد منها غير السلبية والريبة والتوجس وعدم الاطمئنان للآخَر

من النافل القول أن العلاقات البينية بين الدول تؤسسها العقلانية والحكمة والتبصر لضمان تحقيق مصالح الشعوب في وعاء من قيم الاحترام المتبادل وصون الكرامة والتآزر والتضامن. حقيقة، ثمة رأسمال مشترك بين البلدين يدعو الى التضامن والتعاون أكثر منه إلى الشقاق والنزاع والخلاف. بكل موضوعية وحياد وعدم الانسياق وراء وجدان الانتماء نتساءل ونتدبر بعض النقاط الجوهرية ونرتقي مشاركتها مع القارئ العربي عساها تترك وقعا في النفوس ويقظة في الضمائر وتساهم في بناء القطيعة مع ما يروج من تأجيج وتجييش
.للمشاعر

من المستفيد المباشر من خيار القطيعة أو الحرب؟

لا مناص من الاعتراف بأن خيار القطيعة أو الحرب لا يخدم مصالح أحد البتة، إلا إذا كان الغرض منها تمويه الناس عن مطالبهم الحقيقية وسبل كشف الغمة الداخلية. متى كان خيار الحرب حلا لمشاكل الشعوب؟

الحرب لا تخدم سوى أهداف القوى الإقليمية والأطماع الاستعمارية و تستديم تكريس التبعية للقرار الخارجي. هل العالم العربي في حاجة الى المزيد من الانقسامات و البلقنة والتشتت؟
.مجرد عبور سريع لمخرجات مجريات الأمور خلال العشرين السنة الاخيرة في المنطقة العربية تحيل على المستفيد الأكبر مما وقع ويقع

.كما أن قيام أي نزاع لن يساهم إلا في زعزعة الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا برمتها والتي تئن أصلا تحت وطأة نار الإرهاب والنزاعات الداخلية في عدة بلدان

كل بلد يئن تحت ما يغنيه عن النزوع إلى الصراع

كل بلد غارق في سلسلة مفرغة من الأزمات اللامتناهية حيث تتمحور تطلعات الشعوب أساسا إلى رؤية من يبدي الشجاعة والبسالة في مواجهتها وقيادة تجربة إصلاح حقيقية وليس في من يغرق البلاد في متاهة صراعات تأتي على الأخضر واليابس ولا يعرف لها أي منتصر. المعارك الحقيقية تهم تملك السيادة وصناعة القرار والخوض في تجربة التنمية وتثبيت
.أسس بناء الدولة الوطنية وفق الخصوصية المحلية ورؤية تشاركية ومحاربة الفساد والفوارق والقطع مع منطق القبيلة واقتصاد الغنيمة

نعي جيدا مدى هشاشة الاقتصاد الوطني في البلدين وتواضع مستوى الدخل القومي وغياب البدائل والحلول الاقتصادية، لذلك تقف عملية التسابق نحو التسلح وراء الضغط على الميزانية السنوية والحيلولة دون عقلنة توزيع وتوظيف الموارد و تتسبب في خلخلة سلم الأولويات وتأجيل السعي نحو تحقيق المطامح وتستنزف موارد البلدين وتحد من القدرة على
.التعاطي مع الجانب الاجتماعي وحصيلته المخزية منذ عقود

.لا مفر من الانفتاح على مطامح الشعوب وتطلعاتها وترميم البيت الداخلي حيث جيوب الاختراق والتطويق والفتن. من هنا تستمد شرعية وقوة الأنظمة وتلاحمها مع شعوبها

ضرورة التخلص من ترسبات الماضي الذهنية والنفسية

يجب التخلص من ترسبات الماضي القريب والترفع بعقلانية عن ما يحتفظ به من شوائب ضيقة ومسمومة و جروح نفسية واضطرابات ذهنية من أجل الانطلاق نحو المستقبل. ربما ما يكتنزه الماضي من محفزات ايجابية يفوق بكثير شحنة من الصراعات الضيقة. نحتاج الى التعامل بايجابية وعقلانية مع تاريخنا المشترك وتأسيس علاقات تعاون بينية على أساس كل ما هو إيجابي ونافع وبناء. ماذا استفدنا من الإلحاح على العتاب والوعيد والتهديد والرجوع الدائم إلى الوراء وخلافات الأباء و الأجداد؟

أليس من الأجدر ترك المجال للأجيال الشابة من أجل تحديد نوعية علاقاتها المستقبلية وتحريرها من عبء خلافات الماضي؟

تحكيم العقل ورأي أهل الحكمة والبرهان

لطالما أنجبت دول المغرب العربي مفكرين رواد في الفكر العقلاني وعلم المستقبليات لهم مشاريع فكرية جبارة يمكن أن تفيد ودون شك في إيجاد بدائل وحلول تلهم السياسي وتنيره إذا تبنى القطيعة مع عملية الانسلاخ عن الثقافي وتهميشه وطمس وجوده وحاول التأسيس لعلاقة ودية مع مكوناته لخدمة العباد والبلاد. نحن في حاجة إلى تصورات مستقبلية قادرة على
.إخراجنا من عتمة التيهان والضياع والاندثار وتمكيننا من استعادة الثقة في النفس وتثبيت الرؤى و العزائم والهمم

الموقع الجغرافي يعلو ولا يعلى عليه

الموقع الجغرافي يفرض نفسه ولا يمكن استبدال جار بجار آخر، ليس هناك من خيار غير التأسيس لعلاقة جوار ودية وصحية تخدم الأجيال القادمة عوض توريثها صراعات تاريخية لا يد لها فيها من قريب أو بعيد. منطق التعايش والمستقبل المشترك يستوطن جميع الرؤى المستقبلية من أجل تقوية منظومة الأمن القومي في البلدين بأبعادها المعمقة وصون كرامة
.الشعبين والانصهار الحقيقي في التأسيس لمستقبل الأمة العربية بمختلف بنياتها الثقافية ومكوناتها الاجتماعية وأجناسها وذخائرها

تم نشر المقالة على رأي اليوم يوم 07 نوفمبر 2021 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *