نحو إحياء وترسيخ ثقافة هدم الهدم
November 5, 2021
لماذا يعرض السياسي في المنطقة العربية عن كتابة سيرته الذاتية؟
November 10, 2021

دروس مستقاة من فوز إيطاليا بكأس أمم أوروبا لكرة القدم 2020

من المؤكد أن فوز إيطاليا بكأس أوروبا 2020 يمنح طاقة إيجابية لشعب عاش مرحلة جد عصيبة خلال السنة الماضية بعد تفشي وباء كورونا وما خلفه من ضحايا وخسائر اقتصادية. يبدو أن الأمر يتعلق بمناسبة رياضية عابرة لكن لها وقع بليغ على النفوس والمعنويات وتشكل تتويجا لمسار عمل جاد تستخلص منه الدروس والعبر. لن أركز على البعد الرياضي للحدث، لكن هتاك عبر أبلغ ودروس أعمق وجب التوقف عندها وتدبر أبعادها
.قد تشكل مصدر إلهام لتجارب بناء أضخم وأهم

على الصعيد المؤسساتي

قام الإيطاليون بمساءلة الذات وتقييم الوضع جيدا للكشف عن أسباب الإخفاقات السابقة من أجل ترميم البيت الداخلي (الاتحاد الايطالي لكرة القدم) واصلاحه وتحديد سقف الطموحات وبناء الرؤية بالاعتماد الكلي على الكوادر البشرية المحلية والمقومات المادية المتاحة والذخائر المعنوية
.من تجارب نجاحات الماضي تمنح الإلهام والثقة في النفس والتحفيز

انكب الاتحاد المحلي على الرفع من تنافسية وجودة الدوري الايطالي ومواكبة الأندية وتحفيزها والاستمرار في محاربة الفساد بموازاة مع صناعة
.منتخب وطني قوي يستجيب لطموحات وتوقعات الشعب الايطالي

تتميز التجربة اذن بالخصوصية المحلية ولن يقودها الى أبناء البلد الذين يتقاسمون نفس الرأسمال الوجداني ويعرفون جيدا مرارة الخيبات
.والإخفاقات

بيئة النجاح

يقع الإقلاع والنهوض عندما تتوفر بيئة قيم معينة تسودها الارادة الصادقة في التغيير وصناعة الأفضل وترعاها الوطنية والغيرة ونكران الذات والتماس شرف خدمة الوطن والتضحية من أجل الصالح العام والمحاسبة والشفافية والتكليف حسب الكفاءة و الاستحقاق. حينئذ يقع الإخلاص في العمل والتفاني في أداء المهام والتنافس على تقديم الأفضل من أجل صون كرامة البلد وفرض احترامه على الآخرين ورفع سقف الطموحات المستقبلية.

العمل الجماعي وقيمة الوفاء

وقع الاختيار على المدرب مانشيني لقيادة الطاقم الفني لمنتخب إيطاليا من أجل رفع التحدي، لكن من هم مساعدوه؟

أصدقاء الأمس في فريق سامبدوريا حينما فاز الفريق ببطولة إيطاليا سنة 1991 اللقب الأسطوري الوحيد في سجل النادي لحد الان. يكفي ذكر
.اسمين لامعين في الذاكرة الرياضية الايطالية من طينة فيالي و لومباردو لاستحضار المعجزة التي حققها الأسماء الثلاثة في سامبدوريا

الوفاء ثم الوفاء في وعاء استثمار الصداقة وتجارب الماضي المتميزة في صناعة تجارب المستقبل. لا غرابة إذن من وجود جو عائلي قوي في
.المجموعة يزيد من قوة تماسكها ويعكس سيادة الحس الجماعي على الفردانية والأنانية

الإيمان القوي بنجاح التجربة

ما دامت مدخلات نسق العمل ترتكز على الإصرار والعزيمة والثقة في النفس وقوة المعطيات الذهنية والنفسية وتشجيع المهارات المحلية، من المستبعد إذن أن تتمرد مخرجات التجربة على أهداف النجاح والتفوق رغم الاخفاقات التي قد تتخلل مسارات البناء والتنزيل. ثمة قيادة حكيمة و انخراط فعلي في تحقيق الطموحات ومؤسسة من أهل الاختصاص ترعى المبادرة منذ ولادتها وتحاول جعل التصور حقيقة ملموسة، لما الخوف من
.الفشل إذن ؟ وما الداعي لفتح المجال لنشاط عقد النقص والدونية؟ في المقابل هناك اقدام على خلق التغيير والتحكم في مجرياته
تبقى كرة القدم لعبة جميلة و معطى رياضي يعبر عن الواقع الثقافي و الاجتماعي والاقتصادي للبلد، لكن لها وقفات تفرض التدبر والتمعن من أجل
.استخلاص الدروس والغوص في الأبعاد النفسية والذهنية والتصورات الفكرية

تم نشر المقالة على رأي اليوم يوم 12 يوليوز 2021 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *