The Unexpected Refuge
March 23, 2021
لماذا الإصرار على تكبيل منظومة الأمن القومي بالمقاربة الأمنية؟
May 26, 2021

المغرب: رمضان وطقوس مأسسة الفقر

مع حلول شهر رمضان من كل سنة، ينخرط المسلمون في المنطقة العربية في نمط عيش مختلف من خلال استحضار الجانب الروحي من الشهر
.العظيم وإجراء القطيعة مع بعض العادات اليومية ومحاولة تداول الطقوس السنوية الرمضانية من تقاليد و أعراف متوارثة
غير أن ما تنحو نحوه الشعوب بتجديد حسن النية ومساءلة الذات والتطلع إلى غد أفضل، رغم قتامة الواقع و تراكم الخيبات وتناسل الأزمات، يتناقض تماما مع نوايا من في مركز القرار، إذ يستمر التحايل على الناس والاستخفاف بعقولهم و استغباء إدراكهم. ربما نحن بصدد الوجه المظلم
.لشهر الأنوار والسكينة والتدبر الذي لا يحظى بالوقار الرسمي بخلاف الالتزام والتقديس الشعبي
يميل إذن من في القرار إلى المبادرة في تكثيف عمليات تقديم الصدقات وإطعام المساكين والإحسان إليهم بداعي التضامن مع المعوزين والمستضعفين رغم أن الشريحة العريضة من المجتمع تئن تحت وطأة الهشاشة والظلم الاجتماعي والاقتصادي وعدم الاستقرار الذهني والنفسي. يتم الإعداد والتعبئة لحملات تشهيرية للمبادرات الرسمية في تقديم الصدقات وتجند مؤسسات الدولة وخلايا المجتمع المدني التابعة لها لإنجاح العملية بكل تبجح وصفاقة وعدم الاكتراث بمشاعر الناس أو كرامتهم
من المؤكد أن الهدف لا يمت بصلة إلى أخلاقيات النبل أو الشهامة مادام من يقدم على تقديم الإكراميات للفقراء هو من تسبب في إفقارهم
.والقائم على استدامة حرمانهم طيلة أيام السنة
تبدو العملية، ظاهريا، ضربا من أعمال الخير والسخاء وتنزيلا لقيم التضامن والتآزر والانصهار في معاناة المعدوم، لكنها، في العمق، تكتنف من الخبث والمكر قدرا تستحي الألسن من الحديث عنه او الخوض فيه. كيف لا والحق يراد تحويله إلى إكرامية وعطف يتفضل به من تسبب في معاناة المحتاج ويستمر في توظيف نفس الترسانة من المفاهيم لتكريس تشويه الإدراك واستغلال صفاء النفوس وطيبتها. انه مظهر من مظاهر سطوة السياسة على الدين والمتاجرة بالأخلاق ومآسي الناس بتسخير التأويلات الفقهية وإسقاطها على مقاصد معينة لا يعيها إلا من التمس من خلالها
.مآرب فردانية سلطوية. كما أن العملية تمس منظومة القيم بتشجيع التواكل والسؤال ومحاربة قيم العمل والكد والتعدد والتداول
:ثمة أسباب عميقة وراء هذا التوجه المريب والمخزي نركز منها على ما يلي

إضفاء الشرعية على وجود الفقر وتحويله إلى معطى طبيعي من خلال سياسة التمويه والتستر عن الأسباب البنيوية الحقيقية لشيوع الفقر والمتعلقة أساسا بفشل السياسات التنموية الاقتصادية والاجتماعية، غياب الرؤية، التحيف في توزيع الثروة، وتسيد الاحتكار والإجهاز على المنافسة

.تغييب منطق المساءلة والمحاسبة واستدامة أنساق الوصاية والاستفراد بالقرار

.حماية مصالح النخبة المحظوظة واستفرادها بخيرات البلاد والعباد

.تلميع صورة من في التدبير من خلال الترويج الأخلاقي لمبادرته وتعاطفه مع الناس

إخضاع المجتمع المدني وجعله تحت إمرة الإرادة الرسمية وخادما لتوجهاتها وصرفه عن وظيفته المفصلية في كبح الأداء الرسمي عن الشطط في
.استعمال السلطة و مساءلته ومحاسبته

نتوق لمأسسة الكرامة و العفة و الافتخار بالوطن بنفس القدر الذي نتوق فيه إلى مأسسة تعاقد اجتماعي جديد قائم على الانصهار التشاركي التام
.في صناعة القرار ورفع سقف الطموحات وتشكيل المستقبل

تم نشر المقالة على رأي اليوم بتاريخ 16 أبريل 2021 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *