In My Book
March 11, 2020
TALK TO SOMEBODY & TALK AT SOMEBODY
March 20, 2020

عن هول مخاطر واقع الإعراض عن أمهات الكتب

لا يختلف اثنان عن وجود عزوف مهول عن القراءة في العالم العربي وانحصار سقف اهتمامات العامة في الإقبال على الاستهلاك المادي الصرف من مأكل ومشرب وملبس. غير أن
.المريب في الأمر هو إعراض الفئة القارئة المحدودة من مثقفين وأكاديميين عن الإقبال على أمهات الكتب إلى درجة الجهل بها وعدم الاكتراث بقيمتها
تستقر بعض الأسماء في أذهاننا لكنها لا تتعدى هذا السقف من الإطلاع. من يقرأ لابن رشد أو ابن خلدون أو ابن سينا أو الجاحظ أو المقفع أو ابن عربي؟
!ربما السؤال يجيب عن نفسه
قد تكون الظاهرة عالمية، لكن في المنطقة العربية تتمثل بحدة أكبر حيث المرتع الخصب لتفشيها وتوغل جذورها. في الواقع، لا ندرك إن كانت المسألة تلقائية ونتيجة منطقية لتطور تاريخي في المنطقة العربية آل إلى الارتداد والتراجع منذ عقود خلت، أم هي حلقة من سلسلة المخططات التي تستهدف مناعة النسيج الداخلي وتعمل على استدامة توغل الفاعل الخارجي أم هناك عوامل أخرى لم ندركها بعد؟
نقصد بأمهات الكتب تلك الإسهامات التي لقيت صدى واسعا بفضل ما أضافته من إنتاج معرفي ارتقت به إلى مستوى مراجع في ميادين مختلفة والتي رغم مرور السنين ظلت كيانات حية نشيطة بفضل حيوية مضامينها سواء اتفقنا أو اختلفنا مع أفكارها. عندما نتحدث عن قيمة أمهات الكتب، فإننا حتما لا نميل إلى تقديسها، بل فقط التذكير بمدى أهميتها في مسار
.اكتساب المعرفة والتحسيس بفداحة القطيعة معها
: مما لاشك فيه أن معضلة الإعراض عن أمهات الكتب لها إفرازات خطيرة وحادة نذكر منها
.تمثل أمهات الكتب إحدى نقاط ارتكاز الثقافة وبهجرانها تتلاشى آمال النهوض الثقافي وبمعيته الإقلاع الاقتصادي والتنمية الاجتماعية
الإجهاز على عملية بناء المعرفة المتينة المترسخة والمبنية على التراكم والتدرج مقابل ميول العامة نحو المعرفة السريعة الجاهزة
يسود السطحي من المعرفة ويفتقد العمق
تسود الرداءة والنمطية ويغيب الإبداع
تحارب أعلام الفكر والإنتاج المعرفي وتقدم التفاهات إلى الواجهة فيسود الضياع والعبث
تقويض الهوية المحلية
ضرب للقيم والفضائل من الأخلاق
تعمق ظواهر الارتداد واستشراء الجهل بجميع أنواعه
ارتفاع حدة التبعية والاستلاب الثقافي بحثا عن هوية خارجية بعد انسلاخ الذات عن هويتها الأصلية الفطرية
ينتشر الشك والغموض بغياب مصادر اليقين
فقدان الثقة في النفس
أليس من المفارقة أن يهتم المستشرق بأمهات كتب إنتاجنا المعرفي بينما يعرض ابن بيئة إنتاجها عن دراستها ويفضل هجرتها إلى الأبد ؟

تم نشر المقالة على صحيفة رأي اليوم بتاريخ 13 مارس 2020 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *