A Hard Choice
March 2, 2020
In My Book
March 11, 2020

كل عام وأنت رمزا للشموخ والبناء والعطاء سيدتي

من المؤكد أن تخصيص يوم ثامن مارس من كل سنة كيوم عالمي للاحتفال بالمرأة لا يفي بغرض تكريمها أو التذكير بدورها المحوري في المجتمع، لكن مع ذلك فالفكرة تنم عن قيمة
.اعتبارية ورمزية من أجل التذكير و التنويه والتحسيس لأننا ننسى بسرعة ونميل إلى الجحود أكثر منه إلى الاعتراف الذي يغيب عن أدبيات عاداتنا اليومية

حقيقة يعلو قدرها ومقامها على جميع الكتابات ومحاولات الاعتراف بالجميل، لأنهــا مشتل ومنبــع كــل ما هو جميل من روح العطاء والتضحية ويستحيل حصر ذلك أو مقاربته في إطار
.محدد، إذ كلما هم الكاتب بالتعامل مع جانب معين إلا وتفاجأ بخبايا جوانب أخرى عصية على الحصر

.قد يكون حظ المرأة العربية مخيبا لأن القدر وضعها في بؤرة جغرافية مشتعلة من العالم تتميز بخصائص ومعطيات نفسية وسيكولوجية وثقافية في غاية التعقيد

كما هو معلوم عانت المرأة ولازالت منذ عصور الجاهلية إلى عصر التكنولوجيا والمعلومات، بدء بجحيم الوأد ومرورا بالعبودية إلى أن حطت بها قساوة الظروف في غيابات الاستغلال
.المتواصل

غني عن البيان القول أن معاناتها ترقى إلى العالمية لكن بمستويات متباينة وربما أكثرها عنفا ووحشية تهم الدول المتخلفة حيث تصنف المجتمعات العربية. لا زالت المرأة تعاني من البنيات الفكرية والاجتماعية البدائية المتصلة بالقبيلة والعشيرة والتي تضعها عرضة دائمة للغرائز البدائية من خوف وجنس وطمع وتملك. كما تعاني من وضعها في قلب مخيال اجتماعي لمجتمع ذكوري متزمت لا يرحم ومن لهيب طابوهات و يقينيات أثقلت كاهلها وأجهزت على قدرها بأقسى الأحكام المسبقة والمطلقة والتصورات اللاعقلانية. أينما حللت وارتحلت إلا وواجهتك القيود والأصفاد والمتاريس التي حجّمت وجودها في ظل سلطة الرجل من أجل خدمته و إشباع رغباته. على مستوى إدراك العامة، كلما ذكرت المرأة إلا واقترنت
.بالشهوة والتبعية والإخضاع، يستحضر الجسد ويُغيب العقل
تُحمّل هفوات الرجل وزلاته في مجتمع لا يرحم ولا يعترف بحكمة تكامل الأدوار. كيف لا وهو مجتمع يميل إلى النفاق بإنكار دور الأم و الأخت والزوجة في عملية البناء على جميع المستويات: التربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويضع الرجل في الواجهة مع أنه،في قرارة نفسه، يعلم يقينا أن المرأة تمثل قوة الدفع التي لا تنبض لكنه ينحو نحو التعتيم والإنكار في ظل واقع الاستبداد البنيوي الذي يتموقع في قلب الخلايا الاجتماعية والتصورات الذهنية ويخفي وراءه سلسلة لامتناهية من عقد النقص وفقدان الثقة في النفس
.والميل إلى الاعتداد بالنفس و الأنانية

أليست كل إساءة إلى وضع المرأة بإساءة ضمنية للمجتمع ككل، إذ يحرم من طاقاتها ومهاراتها وملكاتها مما يكرس لواقع الارتداد والتقهقر الذي تئن تحت وطأته البلاد العربية ككل؟

من النافل القول أن تغيير الوضع يتطلب جهدا شاقا ووقتا طويلا مادام العمل ينطلق من البنيات الفكرية المتوارثة منذ زمن سحيق ويرتكز على العقلانية والحكمة في التعاطي مع
:حساسية المسألة، لذلك نركز على ما يلي

وجوب تغيير طريقة التعاطي مع قضية المرأة والتوقف عن مواءمتها بالرجل حيثما ذكرت، لأنها ليست بالند أو العدو. ماذا عن بديل اقتران المرأة بالتنمية أو التحديات الكبرى عند كل حديث يهمها؟
.إعادة صياغة مدونة الأحوال الشخصية للمرأة وتفعيل مضامينها
.التعامل معها كشريك مؤسس في مسار التنمية وبناء البلد
.تفعيل حقها في الاستشارة وإبداء الرأي بممارسته كتجربة وليس بالتوصيات
ممارستها لحق المبادرة
تفكيك ومساءلة اليقينيات والأحكام المسبقة بشأن المرأة
.تنزيهها عن المزايدات الشعبوية من طرف الجماعات المتزمتة أو المنظمات الهدامة المدعية للحداثة والكف عن المتاجرة بقضيتها

.مما لا شك فيه أن شموخ المجتمع من شموخ وضعية المرأة وانكسارها انكسار للعزائم والهمم ومكارم القيم الإنسانية

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *