عن معاناة أقلية الإيغور المسلمة في الصين
December 11, 2019
اللغة العربية تستبرئ من أهلها
December 24, 2019

عن لهيب نار الارتزاق الثقافي

لماذا رأي اليوم

لماذا رأي اليوم

لا يخفى على عاقل مفصلية وظيفة المثقف في المجتمع وحساسية أدائه في توجهات البلد. فهو يمثل العقل المدبر الذي تنطلق منه جميع المبادرات والمشاريع والمقوم لحالات الاعوجاج والانحراف بالنقد البناء والهادف المنبعث من الحس الوطني الخالص. بارتقاء حظوة المثقف القح ترقى المجموعة ككل فيسود كل ماهو ثقافي عما سواه ويوضع السياسي في مقامه
.المحدد ويتم خلق البدائل وينطلق الإبداع وتحترم الحقوق والواجبات على حد سواء
باعتبار الثقل الوظيفي للمثقف وأثر نوعية أدائه على بني جلدته، يظل هذا الفاعل المتميز جوهر اهتمام صناع القرار وتختلف كيفية استعارة وظيفته حسب نواياهم وتوجهاتهم المستقبلية. هناك من يسخره في تنمية البلد وتنويره وفتح آفاق التبصر لدى الأجيال، بخلاف من يضيق ذرعا بوجوده ولا يقيم وقارا لمكانته فيتجه إلى القمع أو التضييق أو التخلص منه إذا اقتضى الأمر ذلك لأن توجه المثقف يسير عكس منحى من يحكم ويرجو استدامة مكانته واستفراده بجميع السلط. أما النوع الثالث فهو المثقف الذي يبدي مرونة التعاطي مع
.أهواء صانع القرار ويستجيب لنداءات الاستمالة التي تنهال عليه من كل حدب وصوب، قد يبدي ممانعة لكن فقط لرفع أسهم عملية الارتزاق لتهدئة توجس من يحكم
تتكاثر وتتناسل وتتقاطع عمليات الإجرام في حق الشعوب سواءا أكان الفاعل من الداخل أو الخارج وتتموقع عملية الارتزاق الثقافي في قمة اللائحة لأنها تضم في ثناياها بؤرا من مشتقات الخيانة كما هو الحال بالنسبة لخيانة الأمانة وخيانة الثقة وخيانة الانتماء.
تبدو وظيفة المثقف، في وسط يسوده الجهل او التضليل، ترفا يؤتى بعد عملية الإشباع المادي للحاجيات الفسيولوجية للإنسان، غير أن المسألة عند عمق التناول تكتسي خطورة أكثر وتبدي ما لا يرجى استبطان خفاياه . مع التمعن والتدبر في وظائف الارتزاق الثقافي يتبين ما ترفرف له الجفون وتهتز له القلوب والضمائر
:يقوم الارتزاق الثقافي بالإجهاز على الوعي المحلي وتعطيل الحس النقدي ويقظة الضمير الوطني من خلال
قلب الحقائق وتزييفها
هدم عملية بناء المفاهيم والسيطرة على الإدراك
تعبيد الطريق للاستعمار بزرع قابلية استقباله لدى السواد الأعظم من الناس
ضرب القيم والتشكيك في أهميتها و زرع رذائل الارتزاق والفهلوة والمتاجرة بالمبادىء والمعتقدات
نشر الغموض والخبل والعبث في المجتمع بغياب الرؤية
.تكريس الفاشية والاستعباد والاحتكار وواقع الريع والغنيمة
زرع الفتن وعدم الاستقرار
.تأتي نار الارتزاق الثقافي على الأخضر واليابس ولا تخلف وراءها إلا الحطام والقحط . نار لا تبقي ولا تدر

تم نشر المقالة على صحيفة رأي اليوم بتاريخ 15 دجنبر 2019 أنقر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *