Let
July 17, 2019
Love Never Dies
July 29, 2019

عن أفق الارتقاء بالعمق إلى نمط عيش

نقرأ الكتب ونتمعن في قراءة النصوص المختلفة، نشاهد الأفلام، نقرأ اللوحات الفنية، نستمتع بتحف الهندسة المعمارية، نستمع للموسيقى، نستقبل الإبداع في أشكال متعددة، لكن كيف
.نفعل ذلك؟ وهنا مربط الفرس
يبقى السؤال محوريا في عمليات الاستقبال والفهم والاستنباط والتأويل، لأن “كيف” تستهدف النوعية، تميز بين ما هو سطحي عرضي وما هو جوهري عميق. “كيف” تنحو بنا إلى
.سبر أغوار المعرفة والتخلص من قيود السطحية العابرة
تستقر النواة الصلبة للموضوع في “كيف يتم فعل القراءة”، وتستهدف “العمق”، عمق القراءة، وعمق التأويل، وعمق التأمل وتستمتع وتداعب معاناة السؤال وأرق التفكير والبحث عن أسرار المعرفة وخفايا الأمور عوض الاتكال على ما هو جاهز عقيم ومميت. بذلك تسمو “كيف” إلى مقام أداة إنتاج وحركية وإثبات وجود الذات، وتمرد على السكون والجمود المختزل
.للذات والكيان، والمعطل لعملية إعمال العقل
تتعايش “كيف النوعية” مع الارتياب والشك، بحثا عن الطمأنينة في الجواب الشافي الذي يترسّخ نسبيا في خوالج القناعات الشخصية. كما أنها لا تغتر بالمادي الملموس المتاح، بل
.تغوص في أعماق المجرّد الخفي
يبدو إذن أن “كيف” تشتغل لإثبات الذات والهوية والاستقلالية، وتساهم في: التخلص من سلطة الأوهام واليقينيات، والتعامل بحس نقدي مع الموروث الإنساني، والإيمان بنسبية الحقائق والتخلص من وهم المطلق، وإطلاق العنان لسلطة العقل والترفع عن الأسطورة، والتخلص من سطوة المخيال الاجتماعي، وتحرير الإدراك واكتساب الاستقلالية لبناء فكر
.شخصي ذاتي، واكتساب الحدس المعرفي والتبصر والتريث قبل إصدار الأحكام، وتوجيه التركيز نحو الجوهر في معالجة الأمور
“كيف النوعية” ترقى إلى نمط عيش وإبداع أسلوب حياة، إذ تصنع التميز والاختلاف وترفض النمطية والتقليد، تدعو إلى التدبر والتفكر وترقى بالذوق الرفيع في السلوك والقول والتفاعل. فما هو السبيل إذن إلى الإقدام على “كيف النوعية” لبلوغ العمق؟
من النافل القول إن العمق يكتسب بالسعي نحو حفريات الأمور، بحثا عن الأصل والمنبع بالعمل الجاد والمستمر في استجداء المعرفة، من خلال تحويل محيط العيش إلى بيئة معرفية، تقوم بتطويع وتسخير كل العناصر خدمةً للبحث والتقصي (القراءة مثلا) والارتواء من أهل العلم والحكمة والبيان، مهما اختلفت مشاربهم وتوجهاتهم، لأنهم يجتمعون حول نواة
.وحيدة، وهي: لب المعرفة
على المستوى الشمولي، “كيف” تصنع مجتمع المعرفة والإنتاج، لكنها على ما يبدو تبقى منبوذة في المجتمع العربي لأنها تقود إلى الحركية والمساءلة والنقد وتزكية الأفراد حسب
.الكفاءة والجدارة والاستحقاق وتحارب النفعية والاستبداد بشتى أنواعه

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *