Adultery
May 10, 2019
Words / Expressions to Avoid in communication (3) ‘BITCH’
May 15, 2019

في الحاجة إلى إعادة بناء المفاهيم

غني عن البيان القول أننا، في المنطقة العربية، نعيش واقعا من الضياع تتخلله فوضى في استعمال وبناء المفاهيم في غيابات عالم متحرك وأحداث متسارعة ربما بشكل غير
.مسبوق، غير أنه من غير المعقول الاستهانة بالمسألة واعتبارها من الترف الفكري أو الثقافي وسحب صفة المفصلية عنها سواء بإدراك أو غير إدراك

لا جرم أنه هناك ميلا إلى الخلط و فوضى وقصور في استعمال المفاهيم ونزوح نحو السطحية بتفريغ المصطلحات من دلالاتها العميقة وعدم الاستقرار على تصور معين للأشياء.على سبيل الذكر لا الحصر نستعمل مصطلحات عديدة لمقاربة تصور ما دون تمحيص المعاني والتزام التأني في الاستعمال، فهناك الاحتلال والاستعمار والحماية والاستيطان، نفس الشيء
.بالنسبة للأصولية والتطرف والإرهاب، الشورى والديمقراطية واللائحة غير متناهية

نميل تلقائيا إلى التسرع في استعمال وبناء المفاهيم دون التدقيق في دلالاتها أو بيئة نشأتها حيث نهرول نحو إسقاط مفاهيم حديثة على وقائع تاريخية قديمة أو العكس بنفس القدر الذي
.نستعمل من خلاله مفاهيم غربية داخل بيئة عربية بعملية إسقاط بسيطة تلغي البعدين الزمني والمكاني وتقوم على الاختزال والاستعارة الجاهزة والسريعة

من الطبيعي إذنأن نواجه صعوبة في استيعاب ما يحدث من أحداث مع العجز على فهم ما يكتنف باطنها من خفايا وأسرار وان نكون عرضة لحرب سيميائية طاحنة تستهذف قدرتنا على الإدراك وتستديم واقع الاستيلاب الثقافي والاحتكار الاقتصادي والتفوق العسكري. إذ القضية لا تقتصر على المعطى الثقافي بمعناه الضيق والمخادع بل منها تنطلق جميع المعطيات
.مادامت تمس جوهر تفكيرنا وطريقة بنائنا للتصورات والرؤى وقراءتنا للأحداث وتنتهي بتقويض هويتنا وخصوصيتنا

تتعدد الأسباب وتتداخل بين ماهو محلي وخارجي ويبرز أهمها في إفلاس منظومة التربية والتعليم المسؤولة عن إفراز عدد كبير من الانكساراتوالأزمات التي أدت إلى بزوغ عمليات الارتداد على جميع المستويات وعمقت واقع الانحسار الاقتصادي و مزقت النسيج الداخلي للمجتمع العربي وسهلت عملية الاختراق الخارجي، مما أجهز على آلياتالإبداع والخلق وفتح
.المجال أمام النزوح نحو محاكاة وتقليد القوي المتقدم المتجبرالمتغطرس خصوصا مع انهيار الثقة في النفس وطغيان الشك والارتياب في القدرات الذاتية

على المستوى الخارجي، يبدو أن مسار العولمة أسقط مفاهيم الوطنية والدولة القطرية وسهل ممارسات التنميط بتهميش البعد المحلي والخصوصية الثقافية والبعد التاريخي
.والحضاري للدول خصوصا مع سقوط المعسكر الشرقي وتراجع الفكر القومي، لذلك فالرأسمالية المتوحشة أتت على الأخضر واليابس وتستهذف جميع انساق المقاومة من المنبع

تتطلب عملية إعادة بناء المفاهيم تدبرا عميقا وجهدا كبيرا باعتبار حساسية أدائها وتأثيرمدخلاتها على حاضر ومستقبل المجتمع العربي. ولن ندّعي الفطنة والتبصرإذا أكدنا على ضرورة تحديد الرؤية الثقافية للبلد وإصلاح منظومة التربية والتعليم. كما يمكن التأكيد على ضرورة فحص المفاهيم السائدة وكل ما يلقى به من مفاهيم جديدة قد تكون مفتعلة أو طارئة، فحص أسس كل بناء، مساءلة عمليات النقل والاستعارة، استدامة مساءلة النفس بنهج فكر نقدي فعال ، التعامل مع الفلسفة والفكركوسيلة للتداوي والتنوير وتغيير النظرة الكلاسيكية
.السلبية لأن العودة إلى الفلسفة ضرورة يفرضها فشل التدبير الذي تم بدون حكمة فأدى إلى الأزمة وعصيان كشف الغمة

مما لا مرية فيه أننا نكابد ظلمات التيهان والضياع وفقدان البوصلة ونحتاج إلى وقفة تأمل جدية لمساءلة الذات، ويبدو أن مسالة إعادة بناء المفاهيم تأتي في مصافّ الأولويات الواجب
.التركيز عليها

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *