GREASE THE PALM OF
October 29, 2018
مجتمع عنيف
March 4, 2019

هل سيدخل العالم العربي سلسلة مفرغة من الانتفاضات؟

من الواضح أن الوضع العام بالدول العربية بعد ما سمي بأحداث الربيع العربي قد ساء وازداد قتامة وتعقيدا وأضحى الأمن القومي في الوطن العربي مجرد سراب و كلام عابر دون معنى حقيقي
فالشعوب التي أطاحت بحكامها لم تبلغ ما كانت منشودا من وراء الانتفاضات ودخلت فصولا أخرى من الأزمات والتمزقات )ربما باستثناء التجربة التونسية (، بينما الدول التي تعرضت لهبوب رياح التغيير الجانبية لم تستفد من الدرس وتمادت في مراكمة أخطاء الماضي وشددت من مقاربتها الأمنية متحايلة على مطالب الشعوب
حقا كان المخاض عسيرا لكن الجنين كله تشوهات. لم يزدد الوطن العربي إلا بلقنة وتخلفا واندحارا جراء ما ارتكبته القوى الإمبريالية من جرائم ودسائس لتعمق سيطرتها وتمارس جبروتها بكل وحشية وصفاقة. يبقى، بذلك، المعطى الخارجي أكثر اختراقا وتأثيرا وتدخلا في شؤون ومصير دولنا بفعل هشاشة الوضع الداخلي وافتقاده للمناعة والممانعة على حد سواء
يبدو أن القضية الفلسطينية كانت من أكبر الخاسرين جراء عزل الدول العربية وإغراقها في الأزمات الداخلية وانتشار الأنانية والاسترزاق والبحث عن طوق النجاة باتباع سبل فردية لا تزيد البلد إلا وهنا ومهانة، فأضحى الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر عن بعد وبأقل الخسائر
اصطدمت طموحاتنا في التغيير نحو واقع أفضل تسوده رؤية نحو بناء نموذج ديمقراطي محلي ومحاولة النهوض بالبلد بإكراهات متعددة تجمع بين ما هو ثقافي واجتماعي واقتصادي ونفسي، نذكر من بينها
قيام ثورات مضادة لثورات الربيع العربي وتناسل المؤامرات الخارجية وعمليات المتاجرة بقضايا
الشعوب وآمالها؛
ركوب أطراف معينة على مطالب الحراك الشعبي لموجة الربيع العربي واستثمارها في قضاء
مآرب معينة غير وطنية أو محلية على الإطلاق؛
هيمنة النزعة القبلية والنعرات العرقية في ظل غياب مؤسسات قوية تحافظ على تماسك النسيج
الاجتماعي للبلد؛
غياب البرامج وافتقاد التجربة وانعدام الحلول لدى بعض النخب التي صعدت لمركز القرار؛
تبقى المطالب الشعبية كبيرة وآنية تتطلب وقتا لمحاولة إنجازها، غير أن صبر المواطن العربي نفذ
وأصابه اليأس وعدم الثقة في نخبه السياسية. هل يمكن إصلاح إرث عقود من الزمن ومحاربة ما
اقترفته الأنظمة السابقة من فساد في أمد قصير وفي كنف بيئة متلاشية؟
هشاشة مقومات نهوض فكر تنويري عقلاني أمام هيمنة موروث ثقافي متقادم
الإطاحة بالرؤساء ليس هو التغيير وإنما فصل من فصوله. إذ أن الثورات غالبا ما تقودها النخبة المثقفة النزيهة التي تعد العقل المدبر للمجتمع وتنبعث كل الثورات من رحم الثورة الثقافية؛
يستمد معظم صناع القرار بالوطن العربي شرعيتهم من الخارج وليس من شعوبهم، فيظل بذلك الأمن السياسي هشا ومخترقا على الدوام؛
غياب بنية ثقافية تستوعب ميولات الشعب نحو التغيير وتمنحه قوة الدفع نحو الطريق الصحيح
للأسف لم تتضح الرؤية بعد ولم ننعم بالاستقرار النسبي لالتقاط الأنفاس وبداية إعادة البناء البنيوي الصحيح للوطن. تم الزج بنا في خندق الرجعية والنزاعات القائمة على أسباب واهية وحسابات ضيقة، فكيف يمكن تدبر عملية استشراف مستقبل واعد في ظل مانحياه اليوم
كل المعطيات تحيل على وضع مأساوي قد تسوده الانتفاضات الداخلية والتطاحنات العرقية و الفوضى مادام هناك من يفكر بدلا عنا وما دمنا نفتقد للحد الأدنى من مقومات الاستقلالية والنهوض

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *