SHOULD
September 30, 2018
GREASE THE PALM OF
October 29, 2018

هل حقا يتحكم الانسان في التكنولوجيا ؟

مع الذهول الذي اصابنا جراء الانجازات العلمية والتكنولوجية المتسارعة والغير مسبوقة اصبحنا نتساءل هل حقا يتحكم الانسان في التكنولوجيا التي ابدع ام صار تابعا لها؟ تغير نمط عيشنا راسا على عقب وطفحت نزعات انسانية على السطح فيما اختفت اخرى. نمتلك الاشياء ولا نعي قيمتها حتى تفتقد. لا نستمتع بما نملك رغم سعينا الطويل وراءه. واقع من العبث بكل تناقضاته.
نستعمل وبكثرة كلمات من قببل: الضغط، السرعة، الحنين الى الزمن الجميل (ان كان اصلا جميلا)، تدبير الوقت، تدبير النزاع داخل العمل،اقتصاد السوق، ادوات التسويق، فن التواصل، التنمية الذاتية، التحفيز الذاتي، اصدقاء المصلحة، زواج المصالح، النفاق الاجتماعي …
معظم هذه المصطلحات تقر بوجود خصام / ازمة بين الشخص وذاته من جهة، وبينه وبين الاخرمن جهة اخرى (العلاقات الانسانية عموما)،كما انها تؤكد نزوع الانسان نحو التسابق مع الزمن وانكبابه على تحقيق اهذاف ذاتية مادية صرفة موازاة مع الخوف من المستقبل.
عموما هناك انطواء الشخص على ذاته وافتقاده للحس الجماعي رغم انه يعيش وسط الجماعة ويعي اهميتها ويدرس احيانا ادوات التواصل وفن القيادة ليكون متميزا داخلها.
ما هو اخطر وأغرب ولا يمكن استيعابه هو اضمحلال العلاقات الأسرية وانشطار نواة الاسرة الى المجهول. فالاسرة صارت غير مواضبة على الاجتماع، فافتقد الدفىء العائلي وتركزت الانانية في صلب العائلة وهمشت رموزها. والغريب في الامرهو عند اجتماع الاسرة يتم اجتماع الاجساد دون اجتماع الارواح والوجدان اذ تجد كل فرد منهمك على تفحص هاتفه الذكي وبتركيز شديد فيما يحظى الوالدين بوضع المتفرج. ينصرف الابناء عن التواصل المباشر معهم ويستبدلونه بالتواصل عبر العالم الافتراضي. انه مظهر من مظاهر افول القيم الانسانية في اعز فترات تقدمها العلمي.
غني عن البيان القول ان معظم العلاقات الاجتماعية اصبحت تؤسس على المصلحة والمنفعة سواء تعلق الامر بالصداقة، المصاهرة او حتى عند مد يد المساعدة احيانا. فالعلاقات الاجتماعية غدت غير بريئة ولا عفوية مع تلوث المتعاقدين في اطارها.
في الماضي كانت مجمل الاختراعات العلمية عبارة عن افكار انتقلت من الوضع اللامادي الىنظيره المادي، اذ اضحت ملموسة على ارض الواقع واثرت بعمق في نمط عيشنا واحدثت ثورة غير مسبوقة. على النقيض من ذلك تعيش العلاقات الانسانية واقعا مناقضا اذ تنتقل من الملموس الموجود الى مستوى الفكرة وهذا هو منحى الاقتصاد العالمي حاليا: الانتقال من الاقتصاد المادي الى الاقتصاد اللامادي. فهل كل ماهو اقتصادي يحكم كل ما هو اجتماعي. وهل اصبح الكائن البشري كاءنا اقتصاديا خالصا لا يؤمن الا بالنتاج والاستهلاك؟
هل اضحت مسالة انسنة العلاقات الانسانية موضوع نقاش عاجل. استعرت مصطلح الانسنة من مذهب النزعة الانسانية الذي ظهر خلال عصر النهضة في اوربا والذي ينادي بالتركيز على اهمية الانسان في الكون ومنحه الاولوية. فهل سيظهر مذهب فلسفي ينادي بانسنة العلاقات الانسانية لانحرافها عن ماهيتها. أم سيبدأ الحديث عن بوادر تحقق نظرية موت الانسان!
فهل ادبيات التبصر وعلم المستقبليات قادرة على تنبؤ ما سيؤول اليه الحال بعد عقد او عقدين من الزمن في ظل تسيد الفردانية، الانانية، الجحود وتقهقر القيم الروحية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *