محاولة قراءة ما وراء تجليات الأزمة الإقتصادية في تركيا
August 17, 2018
TURN THE TABLES
September 24, 2018

عن الجانب النفسي لظاهرة تهجير الأدمغة العربية نحو الغرب

يغادر عدد كبير من الطاقات البشرية البلاد العربية ولأسباب ليست بالأساس مادية، غير مأسوف عليهم ولا أحد يأبه لأهميتهم محدثين شرخا كبيرا وخسارة مهولة لاقتصاد البلد ومقوماته الذاتية ومعلنين إفلاس النظام القائم في التدبير والتخطيط. هذه الزمرة من الأبناء الأبرار تمثل مصدر قلق وانبعاث تمرد يقلق النظام ويستحسن احتواء طاقاتهم بشكل تآمري و تحويلهم إلى مصدر عملة صعبة لا غير
يعرف الجميع أن الثروة الحقيقية تتمثل في الموارد البشرية ونوعية تكوينها وقدرتها على الإبداع و الابتكار والانجاز، غير أنه نلاحظ وبحزن و حسرة أن الوطن العربي يُفرّغ من سواعده وعقوله ونسيجه الاجتماعي يُمزّق. من المؤكد أن الأسباب تتعدد وتتداخل إذ يتشابك فيها السياسي مع الاقتصادي والثقافي والاجتماعي و لا تخفى على السواد الأعظم من الناس

تبنت الأنظمة الحاكمة نظرة سطحية في مقاربتها لمسألة الأمن الاقتصادي والاجتماعي بتبنيها نماذج تنموية فاشلة ومستهلكة قائمة على الريع وافتقدت للرؤية البعيدة المدى والمؤسسة على دراسة علمية مستقبلية استشرافية، مما أدى إلى حدوث أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية في غاية التعقيد

غير أن العامل النفسي يبقى أهم محركات الآفة بفقدان المواطن العربي للإحساس ولو الرمزي بالكرامة والمواطنة. نفذ صبره وأسدل الأمل ستار ليله في ظل الظلم والاحتكار والاستئثار بكل شيء من طرف فئة قليلة تتوارث النسل والحرث وتتصرف بخيرات البلاد ومصير العباد حسب الأهواء والمزاج. وحين يعبر المواطن عن امتعاضه وعدم رضاه لا يناله إلا القمع أو التهميش أو السجن. لا يجد فضاءا رحبا يعترف بإسهاماته وإبداعاته وأفكاره ويشجعه على صقل مهاراته في غياب الديمقراطية وحرية التعبير وسمو واقع الفساد والعبث ، بل على النقيض من ذلك لا يجد إلا مقاربة أمنية تنحو نحو احتواء طاقته وكبح انطلاقاته في ظل قدسية النخبة الحاكمة ومصالحها وتبعيتها للدول الامبريالية والمؤسسات الرأسمالية . ضاق الشباب ذرعا بأنانية ونرجسية من يستأثر بالسلط والقرار وانقطع حبل أمل التغيير في غد أفضل ولم يعد هناك من منفذ إلا مغادرة البلاد لإثبات الوجود والبحث عن الذات

يختار إذن المواطن العربي سبيل الهجرة مجبرا مبتعدا عن جحيم اليأس وغيابات الضياع والظلم الاجتماعي طالبا ود الأمل والتفاؤل وتكافؤ الفرص وسبل العيش الك

إذا كانت الأدمغة العربية تعبر عن رفضها للوضع القائم باللجوء إلى الخارج بحثا عن الكرامة و العزة و الـعدل، فهل حقا ستجد ذلك عند من تسبّب في انبعاث أزماتها ونهب خيرات بلدانها وتكريس تبعيتها؟ أم أن مكابدة غربة العيش في أحضان دول الاستقبال أهون بكثير من جحيم العيش في أحضان الوطن الأم ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *