Afford
May 12, 2017
COLLOCATIONS
July 6, 2017

في خضم الحراك الاجتماعي لسكان الريف

الحديث عن حراك شعبي أو اجتماعي يحيل على عملية الانتقال من حالة السكون والركود إلى الحالة النقيض الحركة والتمرد على الوضع القائم. هذا الانتقال يأتي كرد فعل لضغوطات لم تعد المجموعة قادرة على تحملها فاختارت التمرد على قتامة الوضع القائم للتخلص من براثن قيوده ومناشدة أمل التغيير والعروج إلى رحاب العيش الكريم

لامحالة أن ما دفع سكان الريف إلى التحرك تعبيرا عن الوجود وبحثا عن تحقيق مجموعة من المطالب الاجتماعية والاقتصادية تتقاسمه جميع جهات البلد رغم وجود بعض التباينات على مستوى البنية التحتية وسبل إشباع الحاجيات الأساسية من مسكن وصحة وتعليم

محاولة سبر أغوار دوافع الحراك تدفع إلى الحديث عن رزمة من العوامل المتشابكة والمعقدة. أهم عامل يستشف من نوعية ردود الفعل كهاته هو المس بكرامة المواطن بعد حيف أصابه وإهانة ألمت به من جراء الإحساس بغياب عدالة اجتماعية تقننها سيادة القانون، الصورة التي تستوطن دهن المواطن هي أن القانون لا يسري على الجميع والفساد استشرى وتوغل الى حد لايطاق

من جهة اخرى عندما لاتنعكس أثار التنمية الاقتصادية على الأفراد في إطار تنمية اجتماعية شاملة فإن الشعور الذي يسيطر على وجدان الطبقة المحرومة هو التهميش والإقصاء. فالعجز عن إشباع الحاجيات الأساسية من قوت يومي، والصحة والتعليم للأسرة لن يشيع إلا الإحساس بالإهانة والهوان خصوصا في خضم توزيع غير عادل للثروات يستجيب لمنطق الغنيمة والعصبية القبلية. نفس الأسماء تتسيد قائمة أغنياء البلد كل سنة وتحتكر معظم القطاعات الاقتصادية ذات مردودية واعدة. يظن المواطن العادي أنه يقدم كقربان أو كبش فداء لتحمل أزمات البلاد من تقشف أو مديونية أو تضخم دون المس بمصالح طبقة النخبة من المحظوظين

هناك عامل مفصلي آخر يهم نفسية المواطن التي تعاني تحت وطأة اليأس المتولد عن مسلسل تكريس الأمر الواقع المتسم بغياب الدينامية والحركية وفقدان الأمل في أي تغيير ملموس مرتقب لتراكم انتكاسات السياسات التنموية للحكومات المتعاقبة وفقدان الثقة في نوايا كل النخب السياسية (فمابالك ببرامجها أو فعالية أدائها)، وانعدام الجدوى من أي إصلاح دستوري لا يقترن بتنزيل فعلي لمضامينه

هناك مسألة تغييب المواطن عن خبايا القرارات الاستراتيجية التي تتخذ نيابة عنه بنوع من الوصاية و السلطوية مما دفع به إلى الانجراف نحو المواقف السلبية القاتلة لكل نقد بناء. المواطن عنصر فاعل ونشيط وليس موضوع وصاية أو حجر. صناعة القرارات المصيرية تهم كل المواطنين على جد سواء

من ناحية أخرى كمواطنين لانحس بوجود رؤية مستقبلية لانبعاث نهضة توطد حس الانتماء للوطن بالانخراط التلقائي لأبناء البلد عن طريق تعبئة الجميع دون استثناء

نتوق إلى حراك حكومي حقيقي يوظف كل قدرات أبناء الشعب في تنمية البلد عوض حراك شعبي يٌواجه بمقاربات أمنية ترقيعية تستفز مشاعر الجميع وتفتح المجال أمام المتآمرين للنيل من وحدة البلد وهويته

كرامة المواطنين من كرامة الوطن إذ المس بكرامة مواطن واحد هي مس بكرامة الوطن ككل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *