Uprising
September 12, 2016
The need to humanize our human relations
October 9, 2016

مقاربة شمولية لمفهوم التطرف

غني عن البيان القول أننا نعيش مجموعة من الأزمات المعقدة والعصية على الفهم أو الضبط، لن نجد صعوبة في سردها لكن دون محاولة حصرها. كلمات استأنسنا بسماعها رغم مظاهر الرعب التي تكتسيها من قبيل الإرهاب، التطرف، العمليات الانتحارية، الهيمنة، العنصرية، التطهير العرقي، الخ
في خضم هذه المفاهيم سنحاول مقاربة معنى التطرف، تجلياته وأسباب شيوعه
ما نفهمه عند سماع الكلمة في أول وهلة هو الميل إلى جهة من جهتين متناقضتين وبحدة. فالتطرف هو الانحراف عن الوسط (الاعتدال) عن كل ماهو طبيعي والنزوح ( الانحراف) إلى النقيض (الشاذ) الغير طبيعي
ينتشر التطرف في ميادين مختلفة لكنه غالبا ما يقترن بالدين إذ هناك اتجاهين متناقضين وبشدة. فهناك من يدعي تمثيل الدين والدفاع عنه فوق الأرض فينزوي ويقصي الآخر ويحتكر سلطة تمثيل الدين والدفاع عنه، فيصل إلى حد تكفير الأخر ورفع خصلة الإيمان عنه. قد تكون أقصى مستويات هذا النوع من التطرف هو استباحة دم الناس وإقفال باب الحوار مقابل الغلو والتعصب. فيكون خيار العنف كأداة للتعبيرعنه
يتمثل الطرف النقيض في محاولة التجرؤ على الدين والنيل من مقوماته بالاستخدام المنحرف والضال لمبادئ العلمانية والتي لا تعني بتاتا الإلحاد. هذا النوع غالبا مايخدم بوعي أو دون وعي أجندة جهة خارجية ويدعي خدمة الدمقرطة والتحديث
و من المفارقات أحيانا أن يكون ظهور تطرف جهة معينة كرد فعل ضد تطرف الجهة المناقضة ومن هنا العداوة الحادة بين الطرفين
هناك تجليات عديدة للتطرف وفي ميادين مختلفة لكنني سأقتصر على المرور على البينة منها . فنجده بقوة في السياسة عندما تستأثر جهة معينة بالسلطة وتقصي الأطراف الأخرى. فتعلو وتسمو الديكتاتورية والاستبداد والشطط في استعمال السلطة. نتحدث عن التطرف في الاقتصاد عندما يسود الاحتكار ويُِحال دون صعود فاعلين اقتصاديين مما يقتل عمليات الإنتاج، الاستهلاك و الاستثمار، فتنعدم الحركية الاقتصادية والمنافسة و يظهر بذلك القطاع الغير نظامي ويتسيد وتتناسل الظواهر السوسيو اقتصادية بكافة أنواعها
غير أن أخطر تجليات التطرف هو تطرف الفكر الذي يتبنى عقيدة الإقصاء ويلغي الانفتاح أو الاختلاف
تتعدد العوامل وتتشابك إلى حد أننا نظن انه لاقبل لنا بحصرها أو عدها، فينتابنا انطباع يسوده الحيرة والضياع. يمكننا التحدث عن العوامل النفسية والشخصية كعدم القدرة عن إشباع بعض الحاجيات الفسيولوجية الطبيعية (الأكل، الشرب،النوم،الزواج…)، عدم إثبات الذات داخل المجموعة، الأزمات النفسية كالإحباط والبحث عن التميز، الجهل وفقدان المناعة الذاتية لإبراز الممانعة اتجاه كل ما هو خارجي
هناك العوامل الثقافية والمتمثلة في الأسرة والبيئة الثقافية المؤثرة في تربية الفرد ونفسيته. فنزعات العصبية القبلية، التعصب للرأي، الانتصار للعادات والأعراف و نزعة المجتمع الذكوري لا يمكنها إلا أن تحدث انحرافا في التكوين النفسي والسيكولوجي للفرد
هناك من يتحدث عن البطالة والفقر لكنها تبدو – وفي المقام الأول- أنها نتاج للعوامل السالف
ذكرها (خصوصا عدم إشباع الحاجيات الفسيولوجية ) وعدم التوازن النفسي

التطرف واقع معاش بتعدد مظاهره وتشعب اسباب وجوده، من السداجة استيعابه كظاهرة مرتبطة بعوامل وظروف معينة. اذ يتوغل في كل المجتمعات والاجناس حينما تنبعث بذور نشاته، فهل من مخرج؟؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *