Self-motivation : A question of survival
April 6, 2016
Why should I believe in God?
April 9, 2016

دعاة يدَّعون الدعوة إلى الله

مع تناسل القنوات الفضائية بفضل حركة الرساميل (خصوصا رساميل البترو دولار)، أصبح المشاهد العربي عرضة لشتى أنواع الإيهام و التخدير، التيه والضياع بين حقيقة الواقع و كواليسه. فكثرت النجوم في جميع المجالات، فلا نكاد نتذكر إسما حتى تتساقط علينا زخات من الأسماء التي تبحث جميعها عن الشهرة و النجومية
اختلفت و تضاربت السبل غير أن الهدف واحد: البحث عن الأضواء. ولكن ياحسرتاه ! تسلط الأضواء على شيء خافت قاتم مزيف ومغلف بجماليات الخذاع والبهتان. فمن السياسة إلى الفن مرورا بالرياضة ولا ندري أين سيتوقف هذا المد
لكن ما لا نطيق تحمله (رغم أنه شيء عادي) هو استعارة الدعوة إلى الله كمجال لولوج عالم الشهرة و النجومية. فظهر ما يسمى بنجوم الدعوة وأسسوا لنمط جديد من الدعوة. غير أن النقيض من ذلك ظاهريا هو أن القنوات التي تخصص حيزا من أوقات بثها لهؤلاء الدعاة هي نفسها من ينشر الفساد و الرذيلة ويخدم قضية الانحلال الخلقي بامتياز. هل انفصام في الشخصية أصاب تلك القنوات؟ أبداً وبالنفي القاطع، بل هو الاجتماع على الهدف الواحد بتعدد الوسائل و الأساليب. كيف انتشر هذا العدد الكبير من الدعاة (لا نعني أبدا المشايخ الأفاضل ولن نجرأ على ذلك تماما) مثل الجراد الذي يجلب القحط و الجفاف.بالفعل هو قحط في العلم وجفاف في العقول وقابلية إعمال العقل
أولا فانتشار هذا السيل العارم من الدعاة هو نتيجة لاستعمالهم للغة منحطّة تحارب اجتهاد العقل تسببت في تمييع الخطاب الديني الذي تستقبله عامة الناس. فمتابعة الشيخ الحقيقي يتطلب نوعا من الاجتهاد و الإدراك لقواعد اللغة العربية. غير أن نجوم الدعوة الجدد ادخروا هذا الجهد عن عامة الناس واستعاروا خطابا بسيطا سطحيا بالعامية يتماشى مع طغيان الجهل لدى السواد الأعظم منا
السبب الثاني يتمثل في غياب/تغييب العلماء و تفاعلهم مع مستجدات ما يقع، مما ترك فراغا مناسبا لانبعاث شظايا دعاة واحتكارهم للساحة (خصوصا إعلاميا) بل وصلت بهم الوقاحة إلى تقمص دور العلماء وتمثيل الأمة في مجموعة من المنتديات العالمية المشبوهة فراكمت الأموال وارتصت صفوف المعجبين و المتتبعين وراءهم إلى حد تصنيفهم ضمن الشخصيات المؤثرة في العالم العربي
السبب الثالث يتمثل في استغلال الفجوة بين العلماء و عامة الناس. فقد تعودنا على الشيخ بذلك اللباس التقليدي، الخطاب الصارم، اللغة العربية التي تتطلب نوعا من المجهود لدى المتلقي، غياب الابتسامة و تعميم الصرامة. كل هذا يشكل حاجزا للانصهار بين الشيخ و المستمع و يفضي عليه نوع من الرهبة و الوقار الغير التلقائي، فتسبب ذلك في نفور عامة الناس و الإحساس بالاشمئزاز أحيانا. من جهة أخرى استغل الدعاة الجدد هذه الوضعية وغيرو الشكل تماما باستعارة لباس عصري، الحفاظ على الابتسامة و استغلال تقنيات التواصل و لغة الجسد، فوجدوا بذلك الترحاب والقبول لدى الناس. تبعا لعلوم التواصل يعتمد المتلقي على لغة الجسد أكثر من اللغة الشفاهية لفهم الرسائل المرسلة إليه
فظهور هذه الموجة من الدعاة يخدم أجندة معينة ويوافق جميع مراميها، فمن تعميم الجهل إلى الاستغفال، ومن قلب الحقائق و المفاهيم إلى قلب الأنظمة وهلم جر.. فالموجة إذن بمثابة أداة متعددة الأبعاد و المخاطر تبتدئ مع تعاطف الناس مع كل من يخاطب دينهم و معتقداتهم و تنتهي إلى الإجهاز على حاضرهم و مستقبلهم
الدعوة إلى الله تتم بالعمل المتواصل و ليس بالقول لوحده، فالدعوة هي معاملة وعمل وليست قولا مجردا عن الفعل. فالنبي أشرف الخلق دعا إلى الله بخلقه و عمله الرشيد قبل الجهر بدعوته العالمية. والداعية إنسان مهذب، مرهف الأحاسيس، متواضع، ورع، لبق ولم يكن أبدًا سليط اللسان أو وقحا و لا يبحث عن الشهرة أو المجد بين الناس، فأولياء الله يعيشون بيننا و لا نعرف من هم ! وما يثير الاستغراب هو اعتزال بعض الأشخاص الفن واحترافهم الدعوة بسرعة البرق. ولكم واسع النظر!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *