The Concept Of Terrorism
March 5, 2016
March 9, 2016

نعيش ونتعايش مع مجموعة من الأزمات التي تحل بنا بشكل دوري وتلاحقنا من كل جانب فنسارع إلى البحث عن أسبابها وسبل تخطي خباياها. فتارة نواجه مشكلة اقتصادية وتارة أخرى نجد أنفسنا أمام أزمة اجتماعية حادة وفي غالب الأحيان لا تأتي الأزمات فرادى بل تنبعث مجتمعة لدرجة أننا لا ندرك حقيقة ما يقع. في خضم ما يجري تبقى أزمة الأخلاق أم الأزمات بامتياز لتجلي أثارها بوضوح رغم عدم تسليط الضوء عليها إعلاميا

                                 أزمة الأخلاق

نعيش ونتعايش مع مجموعة من الأزمات التي تحل بنا بشكل دوري وتلاحقنا من كل جانب فنسارع إلى البحث عن أسبابها وسبل تخطي خباياها. فتارة نواجه مشكلة اقتصادية وتارة أخرى نجد أنفسنا أمام أزمة اجتماعية حادة وفي غالب الأحيان لا تأتي الأزمات فرادى بل تنبعث مجتمعة لدرجة أننا لا ندرك حقيقة ما يقع. في خضم ما يجري تبقى أزمة الأخلاق أم الأزمات بامتياز لتجلي أثارها بوضوح رغم عدم تسليط الضوء عليها إعلاميا

نتحدث عن الرأسمال البشري ودوره في خلق الثروة و تحقيق التنمية، نحث على قيمة العمل و خلق القيمة المضافة كإثبات لكيان الشخص ووجوده، ننبهر للطاقات اللامحدودة للأفراد داخل المجموعة وسبل تسخيرها في تسريع وثيرة الحركية الاقتصادية داخل المجتمع، غير أنه نادرا ما نحث على قيمة الأخلاق كأهم الثوابث التي يؤسّس عليها كل رأسمال مادي أو غير مادي. فالإنسان مجموعة أخلاق و سلوكيات على أساسها تحدد قيمته داخل المجموعة الواحدة. فهي تشكل منطلق كل تنمية بشرية وغاياتها، فكل شيء يتمحور حول الإنسان، ينطلق منه وينتهي إليه من خلال ضوابط تقنن للعملية و تتمركز الأخلاق في قلب هذه العملية

نتحدث كثيرا عن الأخلاق، مكارم الأخلاق، علم الأخلاق، أخلاقيات المهنة، تخليق الحياة السياسية، غير أن هذه الكلمات تردد دون أي مبادرة لتكريسها على أرض الواقع أو جعلها ثقافة معاشة، وهذا هو الفرق بيننا وبين الغرب. لازلنا نستمع لدروس الوعظ ونستحضر أخلاق الجيل الذهبي المتميز الاستثنائي من الصحابة دون ملامسة أخلاق أجيالنا، مما يعكس وجود أزمة أخلاقية حادة تفسر إلى حدّ ما ما نعيشه من سلسلة أزمات

لنعود لمعنى الخلق لغة، فهو يعني الطبع و السجيّة، أي الطبيعة التي خلق عليها الإنسان. أما اصطلاحا حسب تعريف الإمام الغزالي فهي هيئة ( صفة ) ثابثة راسخة مستقرة في نفس الإنسان عنها تصدر الأفعال، لها آثار في السلوك قابلة للمدح أو للذم
من هنا يتبين أن الأخلاق فطرية و مكتسبة ونؤكد على الصفة الثانية. بعبارة أخرى، فالأخلاق هي بمثابة الذخيرة الممكن تقويتها بالتربية والعمل الجاد والمتواصل والذي ينطلق من الولادة مرورا بالتربية النظامية ثم مرورا بمدرسة الحياة من خلال الاحتكاك والتجربة مع عدم الارتهان إلى اليأس أو الاستسلام. فالأخلاق تمثل مجموعة القيم والمثل المطلوب ممارستها لإثبات حقيقة الإيمان بأهميتها. فهي تجسد أسلحة ردع لكل محاولة انحراف أو انزلاق عن الطريق المستقيم من أجل تقويم السلوك و ترشيده. فالإنسان السافل هو ذاك الشخص الذي لا يتمتع بأي قيمة أخلاقية ويبقى مجردا من المثل

عموما فالثوابت الغير مادية تجسد الغنى الحقيقي لكل فرد، إذ تدفع إلى اكتساب ما هو مادي بطريقة شرعية وأخلاقية متعارف عليها في أدبيات المعاملات. فإذا لم تنعكس هذه المبادئ على السلوك ( أي المرور من المنحى النظري إلى التطبيقي ) فهذا هو الفشل الذريع الذي يتطلب مراجعة منظومة بأكملها

تكتسب الأخلاق بالفطرة ثم تلقن من خلال العائلة ومن هنا تبدأ علامات الخطر الأكبر، فافتقار الأب و الأم للحد الأدنى من الرصيد الأخلاقي لن يغذي المجتمع إلا بمشروع مجرم أو منحرف. عند عملية الانفصام عن تربية الأم تأتي تربية المدرسة، للأسف لا أخلاق نتلقاها هناك و ليست هناك أي مادة مخصصة لتدريسها باستثناء التأثر بشخصية أحد المدرسين الأفاضل و العكس صحيح. بعد ذلك يلج الطفل المجتمع ويحتك بأفراده فيكون عرضة لمجموعة من التأثيرات التي تفوق طاقة استيعابه للأمور فيصاب بصدمات عدة تشككه فيما اكتسب من قناعات من قبل فيتأثر بذلك بما يرى ويعيش أكثر بما يسمع ويقرأ

للهروب من قتامة الوضع، نسرد لبعض مكارم الأخلاق عند الأفاضل من الناس فنتحدث عن أداء الحقوق، الصدق، التعاون، الرحمة، التواضع، الإخلاص في العمل، قضاء حوائج المسلمين، الحياء، الورع، طيب الكلام، الوفاء بالعهد، اللين… كل مثال منها يشكل في حد ذاته موضوعا للنقاش والتمعن

وإذا استعصى علينا اكتسابها بما سبق الحديث عنه فسيبقى الحل الأجدى هو التقرب من الله و السير على منوال خاتم النبيئين (ص) ومجالسة ومصاحبة أصحاب الخلق الحسن. فالأخلاق ميكانيزمات نلمسها من المعاملة وليس كلمات للاستهلاك عند الوعظ

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *